اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

عون يفتح «باب الاجتهاد»... ونصيحة قواتية للثنائي الشيعي


أغلب الظن، ان «ظلال» قمة الرياض الاسلامية- الاميركية وبيانها الختامي ستخيم على جلسة مجلس الوزراء التي تنعقد اليوم في القصر الجمهوري برئاسة الرئيس ميشال عون، خصوصا ان بعض مكونات الحكومة استاءت من تهميش دور لبنان وحضوره في تلك القمة، الى درجة ان وزير خارجيته جبران باسيل لم يكن على علم بالبيان الختامي، بل هو سارع  الى التنصل منه قبل ان يجف حبره.
ولم تقتصر خسائر لبنان الدبلوماسية على هذا القدر، بل ان وحدة الموقف الرسمي تصدعت ايضا في ربوع المملكة العربية السعودية، بعدما بدا، عبر صمت الرئيس سعد الحريري وتسريبات محيطه، انه موافق ضمنا على مضمون بيان قمة الرياض الذي هاجم ايران وحزب الله بحدة، وذلك خلافا لرأي وزير خارجيته الذي رافقه في الزيارة، وخلافا لاتجاه اكثر من نصف الوزراء في حكومته.
ومن المرجح ان يثير بعض الوزراء ملابسات مشاركة لبنان في قمة السعودية، وان يطلب من الحريري توضيحات حول حقيقة موقفه حيال البيان الختامي، مع التوقع بان يبقى النقاش «منضبطا»، وتحت السيطرة، وسط توافق معظم الاطراف على ضرورة حماية الداخل اللبناني ونسيج الحكومة المرهف من ارتدادات القمة ونتائجها التي لا تزال تتفاعل على اكثر من صعيد.
وإذا كان الرئيس الاميركي دونالد ترامب قد حصد من زيارته الى السعودية اكثر من 400 مليار دولار، في واحدة من أنجح صفقاته كرجل أعمال برتبة رئيس، فان هناك من استغرب ان تستسهل المملكة مكافأة ترامب بهذه الجائزة المالية الكبرى، في حين انها استكثرت على لبنان الذي يواجه الارهاب بكفاءة وشجاعة تسييل هبة المليارات الاربعة (المخصصة للجيش والقوى الامنية) التي لا يزال معظمها معلقا وممنوعا من الصرف، علما انها ليست سوى «نثريات» قياسا الى كلفة الصفقة المبرمة مع واشنطن.

 «الستون» راجع؟


في هذا الوقت، تتزايد شيئا فشيئا المؤشرات التي توحي بان قانون الستين سيجدد شبابه وسيُستدعى من الاحتياط الى الخدمة الانتخابية مجددا، بحجة عدم القدرة على التوافق حول غيره، وكونه يظل الخيار الاقل سوءا وكلفة وفق التبريرات المعلبة، علما ان بعض الناشطين في الكواليس السياسية يستمر في الرهان على حدوث مفاجأة إيجابية في ربع الساعة الاخير منطلقا من حسابات تقديرية تفيد بان تيار المستقبل لم يعد يناسبه «الستين» في ظل وجود منافسين له مثل أشرف ريفي وغيره، وكذلك الامر بالنسبة الى الثنائي الشيعي الذي يستطيع من خلال النسبية تحقيق اختراقات في صفوف الطوائف الاخرى بدل ان يبقى محصورا في وعاء ضيق، وصولا الى الثنائي المسيحي الذي يشعر بان «الستين» ليس قادرا على ترجمة حجمه الواقعي.
وكان لافتا للانتباه قول الرئيس عون امس امام وفد نادي الصحافة: أنا لا اريد قانون الستين، ولكن إذا لم نصل الى اتفاق على قانون جديد، فهل اترك الجمهورية فالتة؟ وأشار الى انه إذا حلّ موعد انتهاء ولاية المجلس النيابي من دون التمكن من وضع قانون جديد، فان الدستور ينص على ان يُدعى الشعب الى الانتخابات ضمن مهلة 90 يوما على اساس القانون النافذ.
لكن المفارقة، ان رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل أكد بعد اجتماع تكتل التغيير والاصلاح ان رئيس الجمهورية منع «الستين»، مشيرا الى انه «لو أراده لكان قد وقع على مرسوم دعوة الهيئات الناخبة».
كيف يُفسر كلام رئيس الجمهورية في هذا التوقيت، وهل هو نوع من «الإسفلت السياسي» الذي يُعبّد الطريق امام «الستين»، ام انه يهدف ضمنا الى استبعاده؟
هناك في الاوساط السياسية من وجد في كلام عون إشارة واضحة الى ان «الستين» راجع، خصوصا وان من لم يكن متحمسا في الاساس لإيجاد قانون جديد سيبني على معادلة «الجنرال» لمواصلة المماطلة وعرقلة المشاريع الانتخابية حتى 19 حزيران، مطمئنا الى جهوزية «البديل الستيني».
وعليه، يعتقد اصحاب هذا الرأي ان السيناريو الذي رسمه عون انطوى على «خطأ تكتيكي»، لانه كشف «ورقته المستورة» قبل الأوان، الامر الذي سيريح أنصار «الستين» وبالتالي سيؤدي الى افراغ مسعى التفاهم على مشروع انتخابي جديد من قوة الضغط المطلوبة.
وضمن هذا السياق، يعتبر مصدر وزاري في 8 آذار ان ما طرحه عون يدفع الى التساؤل حول سبب عدم دعوة الهيئات الناخبة اصلا، وفي المهلة الدستورية المحددة، على اساس «الستين»، بدل إضاعة كل هذا الوقت ومن ثم العودة في نهاية المطاف الى المربع الاول.
ويبدي المصدر خشيته من ان يُصعّب موقف عون احتمال التوصل الى انتاج قانون جديد، لاسيما ان مصلحة غالبية القوى السياسية تكمن في احياء «الستين»، وإن كانت تدّعي العكس في العلن، لافتا الانتباه الى ان الخيار الافضل للبنانيين هو اعتماد النسبية الشاملة.
وعلى إيقاع الاستنتاج ذاته، قالت اوساط قيادية في حزب الكتائب ان طروحات عون تؤكد صحة ما سبق ان توقعه رئيس الحزب النائب سامي الجميل الذي حذر خلال اكثر من اطلالة اعلامية خلال الايام الماضية من وجود دفع في اتجاه فرض معادلة «الفراغ ثم الستين فالتمديد المقنّع»، على عكس اللاءات المعلنة، مشيرة الى ان الجميل لم يتفاجأ بما صدر عن رئيس الجمهورية بل كان ينتظره...
في المقابل، يبرز تفسير آخر لنيات عون، قوامه ان الرئيس قرر ان يلعب البلياردو مع المراوغين، فيسدد نحو طابة «الستين» ليس طمعا بها، وانما ليصيب من خلالها طابة «القانون الجديد». ولكن.. كيف ذلك؟
ينصح المقربون من عون بالتدقيق جيدا في دلالات تصريحه الاخير ومعانيه، لافتين الانتباه الى انه بدا في الظاهر متقبلا لـ«الستين» كبديل اضطراري محتمل، إلا ان الحقيقة هي انه كان يوجه رسالة من نوع آخر لمن يهمه الامر.
ويشدد هؤلاء على ان رئيس الجمهورية أوضح ان الانتخابات ستتم وفق القانون النافذ، اذا انتهت ولاية المجلس الحالي من دون الاتفاق على مشروع جديد، بحيث تتم دعوة الهيئات الناخبة خلال 90 يوما، «والمعنى المضمر لهذا الموقف هو ان فراغا سيحصل على مستوى المجلس النيابي خلال ثلاثة اشهر، فهل يحتمل احد مثل هذه المخاطرة وهل يمكن قبول هذا الفراغ ولو كان مؤقتا؟
ويستنتج المحيطون بعون ان الغاية مما صدر عنه هي الضغط والحث لاقرار قانون جديد، انطلاقا من فرضية ان الجميع يلتقون عند رفض الفراغ، سواء كان قصيراً او طويل المدى، ما يستوجب التفاهم على مشروع انتخابي قبل الخوض في مجازفة الامر الواقع.
ويؤكد أمين سر تكتل التغيير والاصلاح النائب ابراهيم كنعان لـ«الديار» انه لا يزال عند قناعته بان قانونا جديدا للانتخاب سيولد قبل 19 حزيران، معتبرا ان المهلة المتبقية تحتاج من الكل ارادة قوية وعملا دؤوبا للوصول الى نتيجة ايجابية وتفادي الفرضيات السيئة.
وعما إذا كانت هناك أفكار يمكن البناء عليها بعد اخفاق الاقتراحات السابقة، يجيب: بيت السباع لا يخلو من العظام..
وكما «التيار الحر»، لا توافق «القوات اللبنانية» على ان تصريح عون يصب في خانة إنعاش «الستين» ورفع أسهمه، بل تفضل ان تأخذه في منحى آخر.
وفي هذا الاطار، قالت مصادر بارزة في «القوات» لـ«الديار» ان عون لا يزال يمارس كل انواع الضغط الممكنة لاستيلاد قانون انتخابي، والدليل انه لم يقبل بعقد جلسة نيابية للتمديد واستخدم حقه الدستوري لتأجيلها، ولم يوافق على الذهاب طوعا الى «الستين» قبل 19 حزيران.
وترى المصادر القواتية ان العودة الى «الستين» الذي يفتقر الى العدالة، ستكون مؤامرة بكل معنى الكلمة، معربة عن اعتقادها بان البعض يريد من وراء فرضه  تحقيق هدفين: الاول ضرب العهد واسقاط نظرية الرئيس القوي ربطا بفشل عون في انتاج قانون جديد، والثاني احتواء الثنائية المسيحية وتنفيس ديناميتها عبر منعها من الحصول على كتلة نيابية وازنة.
وتدعو المصادر الثنائي الشيعي الى ملاقاة رئيس «القوات» سمير جعجع في منتصف الطريق، على قاعدة اقتراحه الداعي الى التصويت في مجلس الوزراء على مشاريع النسبية لاعتماد أحدها، بعدما بات مبدأ النسبية الكاملة مقبولا من الجميع.
وترى المصادر انه لا موجب للاعتراض على هذه المبادرة المنطلقة من التسليم بقاعدة النسبية التي يُفترض انها مطلب الثنائي الشيعي، بحيث تصبح الغاية من التصويت مقتصرة على حسم تفاصيل تقنية تتعلق بحجم الدوائر الانتخابية ووجهة الصوت التفضيلي لناحية ربطه بالقضاء او تحريره.
وتشير المصادر الى ان عدم التجاوب مع مبادرة جعجع يعني ان هناك من يريد ان يضع المسيحيين بين خيارين مرفوضين: إما قانون الستين، وإما النسبية على اساس دائرة واحدة او دوائر ست.
وتنبه المصادر الى ان الاخفاق في وضع قانون انتخابي عادل سيحوّل «الستين» الى قدر مشؤوم للبنانيين على امتداد عقود مقبلة، داعية الى الاستفادة من فرصة التغيير قبل فوات الأوان ووقوع المحظور.



الأكثر قراءة

جبهة الجنوب تترقب «عض الأصابع» في الدوحة... وجيش الإحتلال في محنة سفراء «الخماسيّة» يُروّجون لمرونة وهميّة: تهيئة الأرضيّة لما بعد الحرب! «بضاعة» باسيل كاسدة مسيحياً... برودة في بكركي... وسلبيّة «قواتيّة» ــ «كتائبيّة»