اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب قبل 50 سنة من عام 1948 جاءت البواخر التي تحمل الصهاينة برعاية الامبراطوية العثماينة، ثم الاستعمار البريطاني، وكانت تنقلهم على اساس انهم رعايا يريدون السلام وهم من الصهاينة، لكنهم يريدون العيش بسلام الى جانب اخوانهم الفلسطينيين في دولة واحدة، وقد ساعدهم الاستعمار البريطاني الى اقصى حد بالنزول الى شواطىء فلسطين وبدء نشرهم في تلك المناطق الفلسطينية.

لاحقا وقبل سنة 1948، ظهر الوجه الحقيقي للصهاينة عندما بدأت منظمتا ارغون وهاغانا بارتكاب المجازر ضد الشعب الفلسطيني وتهجيره من قراه ومدنه في فلسطين. واثر ذلك حصلت الحرب بين جيش الانقاذ العربي والمنظمات الصهيونية حيث انتصرت المنظمات الصهيونية على جيش الانقاذ الذي كان جيشا فولكلوريا فقط ولم يكن جيشا فعالا، باستثناء على الجبهة اللبنانية حيث استطاع الجيش اللبناني الحاق خسائر كبرى بالمنظمات الصهيونية الارهابية.

اما منذ 75 سنة، اي منذ عام 1948 وحتى سنة 2023 وخلال 75 سنة، اقام المشروع الصهيوني كل ما يلزم لاقامة «اسرائيل» الكبرى بنشر المشروع الصهيوني على كامل اراضي فلسطين المحتلة، واستفاد من الخبرة الفرنسية التي قدمتها فرنسا للمشروع الصهيوني لصنع قنابل ذرية ونووية واقامة مفاعل ديمونة في صحراء النقب. والان اصبح لدى الكيان الصهيوني، وفق المعهد الاستراتيجي البريطاني، 190 صاروخا نوويا تحمل رؤوسا نووية وموجهة الى كل انحاء الكرة الارضية، اضافة الى قنابل نووية صغيرة يمكن قصف مدن عربية خارجة عن الاطار الاستراتيجي للصواريخ النووية البعيدة المدى التي صنعتها الصهيونية العالمية كي تكون دولتهم هي من الدول الاقوى في العالم.

75 سنة والكيان الصهيوني يقوم باستباحة الحقوق الفلسطينية وحقوق هذا الشعب في قراه ومدنه. والمرة الوحيدة التي حصلت فيها حرب اكتوبر 1973 عندما اهتز الكيان الصهيوني وجوديا، استنفر سلاحه النووي ودخل وزير الخارجية الاميركي كيسنجر فورا الى مكتب الرئيس الاميركي نيكسون، وابلغه ان «اسرائيل» استنفرت نوويا، وقامت الولايات المتحدة بوعد «اسرائيل» بارسال اليها 72 الف طن من الاسلحة، وبخاصة من الصواريخ والقنابل والطائرات واعطائها مخزونا كبيرا من المخزون الاستراتيجي الاميركي الموضوع في الكيان الصهيوني من اجل عدم استعمال اي سلاح نووي. وهذا ما جعل انتصار الجيش المصري باجتياز قناة السويس، والجيش العربي السوري باجتيازه قمم جبال الجولان السوري، يتراجعان امام قوة الدعم الاميركي بالاسلحة والصواريخ والقنابل والطائرات التي قصفت طوال اسبوع كامل الجيش المصري والجيش السوري، حتى توازن الوضع وعاد وزال الخطر الوجودي عن الكيان الصهيوني.

سنة 2023 حصلت عملية طوفان الاقصى او الهجوم على غلاف غزة الذي يحاصر قطاع غزة منذ 16 سنة، ويعطيه بالقطارة الوقود والمياه والقمح والطحين ومواد الترابة والادوية وكل الحاجات المعيشية. 2400 فلسطيني يعيشون بمساحة 360 كلم فقط، وهي اعلى نسبة بشرية تعيش في المتر المربع في العالم. وكان ان قام الجيش الصهيوني، بعد شعور «اسرائيل» بالخطر الوجودي عليها بعد نجاح عملية طوفان الاقصى، بضرب مستوطنات غلاف غزة وسحب اسرى يزيد عددهم على 230، منهم جنرالات في الجيش الصهيوني وجنود وضباط، اضافة الى مدنيين عددهم قليل نسبة لعدد الاسرى من العسكريين وينسحبون الى قطاع غزة.

كيف جاء القرار الصهيوني نتيجة عملية طوفان الاقصى؟ فقد اطلقت الحملة الصهيوني العالمية ان عملية ضرب غلاف غزة هي المحرقة الثانية بعد المحرقة التي ارتكبتها النازية ضد اليهود في العالم في الحرب العالمية الثانية. ولم يكن للعرب اي علاقة بالمحرقة النازية التي قام بها هتلر المجرم في كل الحرب العالمية الثانية. واطلقت الحكومة الدينية الاسرائيلية برئاسة نتانياهو رئيس حكومة العدو الاسرائيلي الحرب على قطاع غزة، ولكنها لم تستطع ضرب اي مركز عسكري او الاقتحام بمعركة او القتال مع كتائب القسام او سرايا القدس التابعين لحركة حماس او الجهاد الاسلامي، بل اصبحت حربا شبيهة بحرب فيتنام عندما انهزم الجيش الفرنسي امام ثوار فيتنام في حربهم التي خاضوها من خلال الانفاق ضد الجيش الفرنسي، وانسحب بعدما خسر المعركة ضد ثوار فيتنام، ثم حل مكانه الجيش الاميركي. وايضا خسر المعركة رغم استعمال اعنف واقوى سلاح جو اميركي في هذه الحرب وكل انواع الاسلحة. ومع ذلك سنة 1973، حصلت المفاوضات في باريس بطلب من وزير الخارجية الاميركي كيسنجر لايجاد حل لانسحاب الولايات المتحدة من فيتنام مهزومة. وانتصر الشعب الفيتنامي وثواره الذين خاضوا المعارك في الخنادق والانفاق وابدوا اعلى مستوى من البطولة والشهادة في حربهم ضد الجيش الفرنسي، وبخاصة ضد الجيش الاميركي.

اليوم لم يقم الجيش الاسرائيلي بمعركة واحدة ضد ثوار كتائب القسام او سرايا القدس، بل قام بتدمير الابنية، وحول البنيان في غزة الى حجارة متبعثرة على الارض، وقام بعمليات قصف جوي بأكثر من 200 طائرة لتحويل ارض قطاع غزة الى ارض معدومة لا يمكن السكن فيها ولا العيش فيها. ولانه لم يستطع معرفة جغرافيا الانفاق رغم استعمال الات تكنولوجية للاستماع الى الضجة التي تحدث تحت الارض، الا ان الانفاق الملأى بالاخشاب بسقفها وسطحها ومحيطها منعت الضجة ان تخرج الى الخارج. وفشل العدو الاسرائيلي في معرفة جغرافيا الانفاق، ومعرفة اين هي عمليات حركة حماس العسكرية تحت الارض، واين هي غرفة عمليات حركة جهاد الاسلامي، والاهم معرفة كيفية تحرك مقاتلي القسام التابعين لحركة حماس. وزاد الفشل الصيهوني بان قام بمجزرة وحشية وهمجية ضد الانسانية بقتل اكثر من 12 الف شهيد من المدنيين من اطفال ونساء وبجرح اكثر 25 الف جريح من الشعب الفلسطيني، كلهم من المدنيين، اضافة الى حوالى 14 الف مفقود تحت الدمار الذي احدثه القصف الجوي الاسرائيلي بكل انواع الاسلحة، بخاصة تلك التي قامت الولايات المتحدة بتزويدها، وهي قنابل وزنها 4 طن ومحرمة دوليا، اضافة الى قصف القنابل الفوسفورية المحرقة على كل اماكن وجود المدنيين لان الجيش الصهيوني لم يستطع كشف مركز عسكري للمقاومة، بل على العكس قام ثوار من كتائب القسام ومن سرايا القدس بالقتال من نقطة صفر ضد الدبابات والمصفحات الاسرائيلية وقصفوها بقاذفة هي الياسين 105، اضافة الى الهجوم على هذه المدرعات ووضع عبوات ناسفة عليها وتفجيرها ثم قصفها بمقذوفة الياسين 105 لاحراقها تماما،. وفي حين لم يعترف العدو الاسرائيلي بخسارة 200 دبابة ومدرعة، فان كل الاخبار تشير الى انه خسر على الاقل نصف هذا العدد وما يزيد على ذلك. كما خسر عدد كبير من القتلى والجرحى، لكنه لم يعترف الا ب 54 قتيلا من ضباط وجنود واعترف ب 230 جريحا، في حين ان كل الاخبار التي تناقلتها وسائل اعلام عربية ودولية وحتى اميركية ذكرت ان عدد القتلى والجرحى في صفوف الجيش الصهيوني هو اكثر بكثير من ذلك.

ان الحكومات التي ما زالت متحالفة وتؤيد «اسرائيل» من ضمن دول حلف الاطلسي وعلى رأسها الولايات المتحدة، تقوم شعوبها بالمظاهرات وتدين بشدة قتل المدنيين بهذا الشكل الوحشي. وقد وصل المشروع الصهيوني الى كراهية وغضب من قبل شعوب العالم. واذا كانت الانظمة العربية منعت المظاهرات الكبرى حيث ان نبض الشارع العربي هو نبض قوي جدا ضد العمليات الوحشية، وحتى وجود الكيان الصهيوني، الا ان المظاهرات التي حصلت في الغرب كانت اقوى بكثير من المظاهرات التي حصلت في العالم العربي، التي هي مظاهرات شبه معدومة وغير موجودة.

انكشف الكيان الصهيوني على انه دولة غير قوية كما يدعي، وانكشف على انه دولة دينية تكره بقية الاديان وتريد استباحة المقدسات المسيحية والاسلامية، سواء في القدس او في بيت لحم او في كامل فلسطين المحتلة حيث قامت بتهديم المساجد والكنائس وقصف المستشفيات المسيحية والاسلامية في قطاع غزة. ان المقاومة حتى الان هي المنتصرة، وباذن الله ستنتصر. والكيان الصهيوني وصل الى طريق مسدود، فهل يستطيع في المرة المقبلة ان يستعمل قنابل نووية ضد المدن الفلسطينية، وهذا الامر لم يعد يستطيع القيام به بعد الثورة الشعبية في العالم ضده، والكراهية والحقد على الهمجية والوحشية واللاانسانية واللااخلاقية واللادينية التي قام بها العدو الصهيوني.

اليوم يقف المشروع الصهيوني في طريق مسدود، وهو لم يستطع تنفيذ السقف العالي الذي وضعه لاحتلال قطاع غزة وانهاء حركات المقاومة في القطاع، وعلى رأسه حركة حماس. ولم يستطع كشف جغرافيا الانفاق التي هي ملتوية وغير مستقيمة، ولا يستطيع العدو الاسرائيلي ولا حتى الاميركي كشف الانفاق تحت الارض عندما تكون ملتوية وممتدة على قطاع غزة من الشمال الى الجنوب وفي كل الاماكن.

المشروع الصهيوني وصل الى الطريق المسدود والانتصار سيكون للشعب الفلسطيني المظلوم والمنتصر الان بقوة معنوياته وقوة شهادته وقوة قتاله وبالانفاق التي حفرها للوقوف في وجه الغارات الاسرائيلية الفعلية الهمجية الوحشية التي لم يعد لها فائدة في كل القصف الذي تقوم به بل بدمار المنازل والعمران، مما سيترك اكبر وصمة عار ووصمة سوداء على جبين الصهيونية التي ما هي الا حركة همجية وحشية لا تؤمن بالانسانية ولا بالاخلاق.

شارل أيوب

الأكثر قراءة

كيف منعت إيران الحرب ضدّ لبنان؟