اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

باشر وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى صباح امس الثلاثاء ممارسة مهامه الوزارية في مدينة طرابلس، عملا بالقرار الذي اتخذه اواخر الصيف الماضي.

قرار الوزير جاء على خلفية الاهتمام بالملف الثقافي في طرابلس والشمال، ولمتابعة مباشرة للتحضيرات الجارية لاطلاق "فعاليات طرابلس عاصمة للثقافة للعام ٢٠٢٤" الذي اقامه الوزير في طرابلس، وستكون المهمات موزعة بين مركز نقابة المحامين وقصر نوفل الثقافي والمركز البلدي وبيت الفنون في الميناء.

خطوة المرتضى غير المسبوقة في تاريخ الحكومات المتعاقبة، هي الخطوة التي لاقت ترحيبا منقطع النظير من الطرابلسيين خصوصا والشماليين عموما، ورأوا فيها خطوة جبارة وعلامة فارقة في الاداء الوزاري تسجل له، على أمل أن يحذو حذوه باقي وزراء الخدمات، بافتتاح مكاتب لهم في طرابلس يخصصون فيها اياما من الاسبوع للدوام والمتابعة المباشرة لشؤون طرابلس والشمال.

الخطوة المذكورة تشمل مختلف المهام والانشطة، وعقد اللقاءات واستقبال السفراء وغيرها من الانشطة، وفق برامج وزارة الثقافة.

فطرابلس العاصمة الثانية للبنان، والعاصمة الاقتصادية للبلاد، هي اليوم عاصمة الثقافة العربية للعام ٢٠٢٤، وفق اعلان المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الاليسكو)، التي اعتمدت مستندات ووثائق ودراسات معمقة في تاريخ طرابلس وتراثها وجذورها الضاربة في اعماق التاريخ.

وقد وقع المرتضى مراسيم انشاء اللجان المكلفة تحضيرات الفعاليات والانشطة، والمتوقع ان تبدأ من آذار ونيسان، على ان يكون موعد الفعالية الجامع بمشاركة كافة الدول الاعضاء في "الاليسكو" في ايار المقبل.

فالطرابلسيون ومعهم ابناء الشمال وكل لبنان، على موعد مع فعالية "طرابلس عاصمة للثقافة العربية"، وهي الفعالية التي ستعيد لطرابلس دورها الريادي الحقيقي كمدينة للعلم والعلماء، والمدينة الحاضنة لحضارات تأسست وخلفت آثارها وتراثها في ارجاء المدينة، لا سيما ان طرابلس هي المدينة المملوكية الثانية بعد القاهرة.

وبهذه الفعالية الثقافية - الحدث، تنهض طرابلس وتنفض عنها ركام الاهمال المزمن والحرمان، والفوضى التي عشعشت في ارجائها، وتعود الى دورها منارة ثقافية وطنية تضيء المتوسط كله.

والجدير ذكره، ان جامعة الدول العربية اطلقت فكرة "العاصمة الثقافية" في العالم العربي العام ١٩٩٦، وكانت القاهرة العاصمة الاولى، ثم صنفت بيروت العاصمة الثالثة العام ١٩٩٩، وتلتها عواصم عربية، وصولا الى مدينة طرابلس اللبنانية، لما تكتنزه من معالم وآثار وتراث تعود لحقبات تاريخية، بدءا من الفينيقيين والكنعانيين مرورا بالحقبات الرومانية والصليبية والعربية والعثمانية والمملوكية، ولا تزال الكثير من الآثار شاهدة على تلك الحقبات ، عدا مخزون المدينة العلمي الفكري والعلمائي، حتى وصفت بمدينة العلم والعلماء.

فطرابلس القلعة الصليبية ومحيطها الاثري، الى برج السباع في الميناء، واسواقها التاريخية الاثرية التي تحتضن آثارا رومانية ومملوكية وعربية وعثمانية بهندسة معمارية مميزة، الى مساجدها وكنائسها الاثرية المميزة، الى التكية المولوية ومحيط نهر ابو علي، وخاناتها كخان العسكر وغيره، وحماماتها التي تعتبر تحفة هندسية، ومكتباتها التاريخية ومدارسها الاثرية، ومعاهدها الدينية التراثية ، وفي ارجائها ما يستدعي اهتماما بارزا لتكون الاولى على الخارطة السياحة في لبنان لولا الاهمال المتعاقب عليها منذ سنوات.

فقد بدأت ورش اللجان تحضيراتها للفعاليات، بلقاءات مكثفة لوضع برامج الانشطة الفكرية والثقافية والعلمية والفنية، حيث لوحظ استنفار كافة المؤسسات الرسمية والبلدية والاهلية العاملة على الساحة الطرابلسية، لا سيما البلدية و "الرابطة الثقافية" و "المجلس الثقافي"، و "تجمع فيحاؤنا"، والنقابات والجمعيات، حيث تكثف الاجتماعات واللقاءات لوضع برامج الفعاليات.

وكان وزير الثقافة قد اوضح في تصريح له أن " فيحاء التاريخ البهي، فيحاء القيم والموروث والعيش الواحد والناس الطيبين، تستحق من السلطات أن تتعامل معها كعاصمة لا تقلّ شأناً عن العاصمة بيروت، وأن يكون فيها مقرّات للوزارات".

وتابع: " وبمناسبة الحديث عن فعالية طرابلس عاصمة للثقافة العربية، فإننا نحثّ جميع الجهات الثقافية في مدينة طرابلس والشمال إلى المباشرة منذ الآن في التحضير لأيّ نشاط تراه مناسبًا ، لإظهار الهويّة الثقافية المتنوّعة والمتنوّرة للفيحاء، كما نُثمّن الجهود التي تُبذل من أيّ جهة كانت، ونقدّر عاليًا جميع المشاريع التي وردت إلى الوزارة حتى حينه، او جرى اعلانها كمبادرة "تجمّع فيحاؤنا"  بالأمس، ونحن نؤكّد أنّ الوزارة على اتمّ الاستعداد للتعاون مع كل مبادرة جديّة، بغض النظرعما اذا جرى ترتيبها بالتنسيق معها ام استقلالاً عنها، لأنّ هذا كلّه يقع في خدمة الثقافة وطرابلس والوطن والفعالية العربية التي تُشكّل كوّة خلاص للمدينة ومنفذاً لها من حالة الركود المزمنة المطبقة عليها."

هذا وسيداوم مرتضى بين مركز نقابة المحامين وقصر نوفل والمركز البلدي وبيت الفنون، ريثما يتم تجهيز مبنى من المباني التابعة للوزارة في المدينة، ليكون مركزاً ثابتاً للوزير.

وكان المرتضى زار امس مفتي طرابلس والشمال الإمام محمد إمام ونقيب المحامين في طرابلس سامي مرعي الحسن، واستقبل المرتضى في مكتبه في طرابلس، رئيس جامعة البلمند الياس الورّاق.


الأكثر قراءة

طوفان الأجيال في أميركا