اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

دخلت الدولة اللبنانية عبر وزارة العدل، الثقافة والسياحة على خط النزاع القانوني الدائر بين ورثة الراحل إميل حنوش والرهبنة اللبنانية المارونية كطرف داعية إلى فسخ عقد الهبة بين آل حنوش "الطرف الواهب" والرهبنة اللبنانية المارونية "الطرف الموهوب".

عندما أسس الراحل إميل حنوش متحفه اختار أن يحظى الفن اللبناني الحديث، وأن يقيم له متحفا مستقلا في مبنى جديد مستوحى من التراث اللبناني، استعمل في بنائه أقواسا وحجارة دور قديمة ويضع المتحف بتصرف اللبنانيين جميعا ويهديه للأجيال الصاعدة على مر الأزمان، والواضح أن في هذا الأمر مجازفة وإقداما، وفيه جود مواطن لم ينتظر ما قد تقدمه الدولة من مبادرة، وهي التي لم تستطع على مر العهود أن تقيم متحفها الخاص، كما أن فيه كرما فريدا لا يرى إرثا في غير الجمال.

كان إميل حنوش من أوائل من آمن بالفن اللبناني فاستكشف منابعه في أواسط القرن التاسع عشر " كنعان ديب، رئيف شدودي، سليم حداد"، وتابع سبله وصولا إلى اليوم يظهر متحفه الفني وحدة هذا الفن وفرادته وتنوع مدارسه ويبين انفتاح لبنان على العالم وسعي فنانيه للتمييز مبرزين بيئته الطبيعية والاجتماعية، خارجين عليها لتحقيق ذواتهم وبناء صروح جديدة، ورغبة منه على ديمومة هذا المتحف.

فكر حنوش أن يوهب هذا المتحف للرهبنة اللبنانية المارونية وناقش الأمر مع المسؤولين فيها وما لبث أن فارق الحياة قبل أن ينتهي النقاش الأول بموضوع الهبة التي كان ينوي فعلها.

فتابعت الرهبنة مع شقيقه الذي كان يعاني من مرض رئوي حاد أفقده بعض من تركيزه العقلي بسبب النقص الحاد بمستوى الأوكسيجين عنده، ومع شقيقته التي أصيبت بشلل نصفي نتيجة جلطة دماغية أفقدها الحركة الكاملة والنطق.

وبالرغم من ذلك أبرم عقد الهبة شقيق إميل حنوش جوزيف ملحم حنوش قبل أن يفارق الحياة بأيام قليلة، وأوجيني حنوش شقيقة إميل حنوش وعلى الفور أفرغ المتحف والمنزل من كل محتوياته الفنية والأثرية والأيقونات المشرقية والزجاجيات المزخرفة ونقلت إلى مستودعات الرهبنة المارونية.

المتحف، هذا المعلم الحضاري الذي سعى إميل حنوش لديمومته مقفل منذ توقيع عقد الهبة أمام الأجيال التي أراد حنوش مخاطبتها من خلال متحفه الفني الغني بلوحاته الفنية ومخطوطاته التاريخية ومحتوياته الأثرية.

أبرز ما جاء في المادة الثالثة من عقد الهبة الموقع من ٥ أيار ٢٠١٩ بين المرحوم جوزيف ملحم حنوش وأوجيني ملحم حنوش وبين الرهبنة اللبنانية المارونية والمسماة في العقد الفريق الأول:

يتعهد الفريق الأول باستمرارية العمل في المتحف والمحافظة عليه وإدارته وصيانته ودفع كافة المصاريف التشغيلية عنه.

يتعهد ويلتزم الفريق الأول بالحفاظ على تسمية المتحف باسم مؤسس المتحف الراحل إميل حنوش دون أن يكون هناك أي تعديل أوتبديل للاسم لأي سبب.

وجاء في المادة الرابعة ما يلي، وافق الفريقان على تخصيص هذه الهبة العينية، لتأمين إستمرارية عمل المتحف بالطريقة التي يحددها حصرا الفريق الأول دون سواه، ودون أن يتعارض هذا الأمر مع مبادئه وأنظمته.

يقع على عاتق الفريق الأول الموهوب له موجب دفع البدلات وجميع المتممات الأساسية لتشغيل المتحف من فواتير كهرباء، مياه، إشتراك مولد، إشتراك في شبكة الإنترنت وجميع المتممات تبدأ إعتبارا من تاريخ التوقيع على هذا العقد.

وأبرز ما نصت عليه المادة الخامسة فسخ عقد الهبة

يفسخ العقد الحاضر على مسؤولية الموهوب له إذا توقف هذا الأخير عن تسديد مبالغ النقدية المالية المنصوص عنها في هذا العقد خلال شهر واحد من تاريخ إستحقاقها أوإذا أهمل واجباته المحددة حصرا في هذا العقد.

لكن الذي حصل مخالفات قانونية جسيمة ارتكبها الموهوب ومع تمادي هذه المخالفات يتحضر ورثة إميل حنوش لدعوة وزارة الثقافة المعنية بشكل مباشر بهذا الأمر، ونقابة الفنانين التشكيليين وكل من يرغب من المثقفين، المهتمين، وأصحاب الضمائر لزيارة المتحف المقفل منذ أربع سنوات، وغير مسموح لأحد الإقتراب منه، والذي أفرغ من كل محتوياته الفنية لأشهر الرسامين اللبنانيين والمشرقيين ونقلت إلى مستودعات الرهبنة بوسائل نقل بدائية معرضين هذا المخزون الحضاري للضرر الكبير. ويعتبر هذا المتحف الأول والوحيد في البقاع ويأتي بالمرتبة الثانية من متاحف لبنان القليلة جدا، كما أن الرهبنة ارتكبت مخالفة صادمة وقاتلة للإرث الحضاري والفني اللبنانيين.

والمخالفة الأخرى تمثلت بعدم تسديد المبلغ المتفق عليه لأوجيني التي تعاني من شلل نصفي نتيجة عارض صحي ألم بها بعد وفاة شقيقها إميل  والذي إزداد سوءا بعد وفاة شقيقها جوزيف. هذا المبلغ متفق عليه بين الواهب والموهوب له وهو١٢،٥٠٠ دولار أميركي شهريا، هذه المخالفة تضاف إلى المخالفات السابقة الواضحة والصريحة مما قد يجبر أوجيني على فسخ العقد تنفيذا لما نصت عليه المادة الخامسة في بندها الأول المتعلق بموجب فسخ عقد الهبة الباطل أصلا.

في ضوء هذه المخالفات لعقد الهبة الواضحة والمقصودة، إنضمت وزارتي الثقافة والسياحة إلى ورثة الراحل إميل حنوش الداعين لإبطال عقد الهبة، وطالبت هذه الوزارات الغرفة الابتدائية المدنية في البقاع إدخالها لسماع الحكم. قدمت وزارتا الثقافة والسياحة مطالعة فتبنتها وزارة العدل التي طالبت من رئيس هيئة القضايا لديها بفسخ عقد الهبة نظرا لعدم تقيد الموهوب بقوانين الآثار وإعادة مراعاة لما ورد في الجردة وحفظ كافة حقوق الدولة.


الأكثر قراءة

بطة عرجاء لتسوية عرجاء