اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

اذا قام حزب الله بحرب على شمال فلسطين المحتلة في الثامن من اوكتوبر الماضي، فان ذلك يعني انه من خلال قناعات حزب الله وايديولوجيته ورؤيته البعيدة المدى، ان هذا الامر ضروري كي يكون لبنان فاعلا في المشرق العربي، ولا يكون دوره تابعا لاحد ، بل له الدور الطليعي خاصة في دعم واسناد شعب غزة، الذي هاجمه جيش الصهيونية المتطرفة بحوالى 400 الف جندي، مزودين بكل انواع الاسلحة والطائرات الحربية ، الذي يصل عددها الى 700 طائرة من احدث الطائرات والصواريخ المتطورة والقنابل الذكية، التي تدمر عشوائيا كل الابنية والمساكن، حتى ان العدو الصهيوني المتطرف حوّل قطاع غزة الى منطقة غير قابلة للسكن، وما يزال يستمر بهذا المنحى حتى هذه الساعة ولا يرد على احد.

ان ذلك لا يعني ان لبنان هو تحت الاحتلال الايراني، بل يعني ان هنالك طرفا هو حزب الله يقوم بالتنسيق ويتلقى السلاح والمال والدعم المالي من ايران، لكن لحزب الله قناعاته اللبنانية، ولم ينجرف بحرب كاملة رغم الاستفزاز الاسرائيلي، الذي ضرب ضاحية بيروت الجنوبية في قلب العاصمة، وضرب السيادة اللبنانية.

هذا هو المنطلق لحرب شاملة، الا ان سماحة السيد نصرالله قال ان حزب الله يأخذ بعين الاعتبار مصلحة لبنان، وبالتالي لن يذهب الى حرب، ومَن يقوم بتعيير حزب الله انه ينفذ اوامر ايران فهذا تحليل سطحي.

حزب الله اعلن ان الميدان سيكون الحكم وهو سيد الموقف، ولذلك اعدّ في جنوب لبنان العدة وضرب شمال فلسطين المحتلة، بكل انواع الصواريخ والقذائف، وألحق خسائر كبرى بجيش العدو الاسرائيلي الصهيوني، حيث ان كبار القادة «الاسرائيليين» يهددون كل يوم بانهم لن يقبلوا باستمرار الحرب على شمال فلسطين، وانهم لا يستطيعون الانتظار اكثر، وانهم سيقومون بحرب على كامل لبنان ان لم يتوقف حزب الله عن ضرب شمال فلسطين المحتلة، الذي ألحق خسائر كبيرة بالمستوطنات والثكنات الاسرائيلية، وألحق بكل التركيبة في شمال فلسطين المحتلة خسائر فادحة ، مما جعل اكثر من 100 الف مستوطن «اسرائيلي» يغادرون فلسطين المحتلة، ولم يبق الا عدد قليل جدا بهذه المستوطنات.

هذه المستوطنات تحولت الى بؤر مهجورة ليس فيها الا جيش «اسرائيل»، وكل يوم تلحق المقاومة به وبثكناته العسكرية، سواء ثكنة برانيت ام ثكنة راميم ام في كامل المستوطنات، خسائر يومية تجعل الحياة غير قابلة للمستوطنين في تلك المستعمرات، التي اقاموها بدلا من القرى الفلسطينية، اضافة الى إلحاق الخسائر بجيش العدو الاسرائيلي ، وسقوط القتلى والجرحى في صفوفه.

اما في حرب الميدان التي اختارها حزب الله فهو يسيطرعلى الارض، رغم الغارات الجوية العنيفة التي يقوم بها العدو الاسرائيلي والتي تدمّر المنازل، الا انه لم يصل الى ليّ ذراع حزب الله، بل على العكس فالمقاومة هي التي تقوم بلي ذراع الجيش الصهيوني من خلال حرب الميدان. حزب الله لا يريد ان تمتد حرب الميدان الى حرب شاملة على لبنان من اجل المصلحة الوطنية، ولذلك لا يرد على قصف واغتيال قادة من حزب الله خارج رقعة الاشتباك، وكان آخرها امس في قرية كفرا ضمن مدينة صور، وقبلها اغتيال في بلدة البازورية التي تبعد 20 كيلومترا عن الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة.

ان العمليات الحربية التي يقوم بها حزب الله ضد الجيش الصهيوني المتطرف، هي واجب وطني وواجب قومي وواجب انساني تجاه اهل غزة، الذين سقط منهم حتى الآن اكثر من 25 الف شهيد و 62 الف جريح واكثر، كما ان عدد المفقودين في غزة نتيجة دمار الابنية عليهم، والذين لم يستطيعوا انتشالهم من تحت الدمار، يصل عددهم الى 9 آلاف. معنى ذلك ان العدد وصل الى 100الف بين شهيد وجريح، وهذه اكبر عملية جرائم حرب وحرب ابادة شاملة على المدنيين في قطاع غزة.

جيش العدو الاسرائيلي اعلن وفق ضباط وعسكريين كبار في صفوفه صرحوا لصحيفة «نيويورك تايمز»، ان القضاء على حركة حماس مستحيل، كما قالت الاستخبارات الاميركية، وان حركة حماس قادرة على القتال لمدة اشهر، ولديها اسلحة قادرة على الاستمرار بضرب «اسرائيل « على مدى 6 اشهر واكثر وفق الاستخبارات الاميركية التي نقلتها قناة «الجزيرة» وقنوات اخرى اعلامية اميركية وعربية ، وكلها تتحلى بالمصداقية.

ان حكومة الحرب الاسرائيلية تعيش تخبطا كبيرا، فعضو مجلس الحرب «الاسرائيلي» رئيس الاركان الاسبق غادي ايزنكوت، كذلك الوزير في مجلس الحرب الإسرائيلي بيني غانتس، لا يوافقان على خطة نتنياهو، الذي يذهب الى اقصى حدود التطرف، ويقول انه يرفض قيام دولة فلسطينية يكون للشعب الفلسطيني حق تقرير مصيره والحق الادنى من الحياة، ويعلن نتنياهو انه لن يكون في غرب نهر الاردن اي دولة فلسطينية ولا في اي جهة اخرى، بل سيكون غرب نهر الاردن كله تحت سيطرة امنية عسكرية «اسرائيلية».

حزب الله يتجلى ببطولات رائعة، ويقدم الشهداء كل يوم، والشهداء ليسوا من ايران، بل هم لبنانيون يعيشون على ارضه. حزب الله لا يتحرك بقرار ايراني، بل في اليوم الثامن من اوكتوبر وبدء عملياته، وايران تعلم تماما ان حزب الله حزب منظم وقادر على التحليل وقادر على اتخاذ القرار المستقل، رغم تحالفه معها، لكن ايران لها ثقة كبرى بحزب الله ولا تتدخل في شؤونه العسكرية، واذا كان في سوريا خبراء ومستشارون ايرانيون، ففي لبنان لا يوجد مستشارون ايرانيون، بل لدى حزب الله قدرات عسكرية كبيرة لبنانية، ولديه كوادر هامة جدا تستطيع ادارة الحرب.

حزب الله ارسل خبراء من صفوفه الى الحوثيين، كما ذكرت انباء عن قنوات تلفزيونية بريطانية - اميركية وعربية، وانه يساعد الحوثيين على قصف السفن لمنع تحويل اي سفينة باتجاه الكيان الصهيوني، ومنع السفن «الاسرائيلية» من العبور في البحر الاحمر.

حزب الله يعبّر عن قوة لبنان وكرامة الشعب اللبناني. حزب الله يعبر عن سيادة لبنان على ارضه وقراره. حزب الله يعرف ان «اسرائيل» كانت تريد حربا استباقية على لبنان اثر عملية طوفان الاقصى في 8 اوكتوبر، وهذا ما اعلنه رئيس الاركان الاسبق حين قال: لقد منعنا حربا استباقية كانت «اسرائيل» تريد شنها على لبنان، ولكن هذا سيكون خطأ استراتيجيا كبيرا تقوم به «اسرائيل».

كما ان العدو الاسرائيلي لن يوفر لبنان بحرب لاحقة، لكن ما قام به حزب الله في جنوب لبنان وضد المناطق الاستيطانية والصهيونية في شمال فلسطين المحتلة، منع اي حرب قادمة ستقوم بها «اسرائيل»، اما اذا قامت بها ستكلفها غاليا ، حتى ان المقاومة حتى الآن لم تستعمل الا 5 بالمئة او 10 بالمئة من طاقتها، والحقت هذه الخسائر في جيش العدو الاسرائيلي، فكيف اذا استعملت طاقتها 100 بالمئة.

حزب الله قدم رسالة كبيرة سيكتبها التاريخ على انه علامة فارقة في النضال ضد العدو الصهيوني، ومحطة تاريخية كبرى ضربت الكيان الصهيوني. فاذا قام العدو بالحرب على لبنان، فسيصاب بخسارة كبيرة ومؤلمة جدا له.

شارل ايوب

الأكثر قراءة

كيف منعت إيران الحرب ضدّ لبنان؟