اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

ليس خافيا ان هناك نوعا من الاستنفار الدولي لمحاولة اجتراح حلول للواقع القائم جنوب لبنان، بالتوازي مع الحلول التي تُبحث للدخول في هدنة جديدة في غزة، يعوّل الفلسطينيون ومحور المقاومة ان تؤدي عاجلا ام آجلا لوقف الحرب والعدوان على القطاع. لكن بمقابل هذا الاستنفار وعشرات الطروحات التي يأتي بها الموفدون الدوليون الى بيروت، قرار حاسم لدى حزب الله برفض الرد على اي منها، رابطا اي نقاش او عملية تفاوض بوقف اطلاق النار في غزة.

اذ يُدرك الحزب انه في موقع قوة، وانه لم يُقدم كل هذه التضحيات والشهداء في الاشهر الـ ٤ الماضية ليقرر اليوم وفي لحظات الحسم في غزة، ان يترك اهالي القطاع والمقاومة لمصيرها، فيسير بتفاهم احادي الجانب يؤدي لوقف اطلاق النار في الجنوب.

وتهزأ مصادر مطلعة على جو الحزب من طروحات تتوالى ومصدرها "تل ابيب" مفادها "فلينسحب الحزب من جنوبي الليطاني كي تتوقف العمليات القتالية هناك"، قائلة "اصلا الحزب هو من اتخذ قرار تحويل جبهة الجنوب جبهة دعم ومساندة لغزة، وهو من بادر الى اطلاق النار باتجاه الاراضي المحتلة. فأي منطق يقول بأن يعرضوا عليه الانسحاب مقابل ان يتوقف اطلاق النار"؟ وتضيف" المصادر "هذا ينم عن سذاجة غير مسبوقة سواء "اسرائيلية" او دولية في مقاربة هذا الملف. فالحزب كان واضحا منذ البداية، وهو يربط انتهاء العمليات في الجنوب بوقف عمليات العدو في غزة، وكل كلام آخر لا يعنيه لا من قريب او من بعيد".

ويبدو ان الطرف الاميركي هو الوحيد الذي يقارب ملف الحدود الجنوبية بواقعية. وهو ما يبدو واضحا من حركة وآداء المبعوث الاميركي آموس هوكشتاين، الذي يعمل منذ فترة على حل متكامل يلحظ انسحاب "اسرائيل" من الأراضي اللبنانية المحتلة، بخلاف موفدين آخرين فرنسيين وبريطانيين وسواهم، يأتون مباشرة من "تل ابيب" حاملين تهديدا ووعيدا، وصيغ غير قابلة للنقاش.

ويمكن الحديث عن ٣ سيناريوهات قد يرسو على احدها الوضع جنوبا:

- الاول: نجاح لبنان باستثمار المعطيات الحالية لصالح تحرير اراضيه كاملة، اي الاصرار على رفض اي حل جزئي، وربط انسحاب حزب الله الى شمالي الليطاني بتفاهم على الحدود البرية، مماثل لذلك الذي تم على الحدود البحرية. وتقول المصادر في هذا المجال: "الاسرائيلي" مضغوط جدا من قبل المستوطنين الذين يريدون العودة الى منازلهم، لكنهم يرفضون ذلك طالما عناصر الحزب على مقربة منهم، ويخشون ان يتكرر طوفان الأقصى من جهة جنوب لبنان في اية لحظة، معتبرة ان هذا الضغط قد يجبر العدو على الخضوع للشروط اللبنانية، لتأمين استقرار الوضع في شمال "اسرائيل".

- الثاني: تسوية كبيرة تشمل غزة ولبنان على السواء، وتقضي بعودة الوضع جنوبا الى ما كان عليه قبل ٧ اكتوبر، وان يكون لحزب الله تواجد غير علني في جنوبي الليطاني، مع زيادة عديد الجيش اللبناني عند الحدود.

- الثالث : هو السيناريو الاخطر، ويقول بقيام رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو بمغامرة كبيرة بتوسيع هجومه على لبنان، ظنا بأنه قادر على دفع حزب الله بالقوة الى شمالي الليطاني، وهو ما سيؤدي لانهمار الصواريخ على كل الاراضي المحتلة، وقد يجر المنطقة ككل الى حرب لن يتوقع احد اين وكيف ستنتهي.

وفي كل السيناريوهات السابق ذكرها، يبدو العدو الاسرائيلي هو الطرف الاضعف في المعادلة، لذلك تراه يواصل تصعيده الكلامي بالحديث مؤخرا عن احتمال الا تشمل اي هدنة في غزة جنوب لبنان، لا بل اكثر من ذلك ان يستفيد من القوات التي تقاتل في القطاع، لنقلها للقتال على جبهة لبنان.

وتستبعد المصادر ان تقترن كل هذه التهديدات بتحرك فعلي على الارض. فبالاضافة الى ان قوات "الجيش الاسرائيلي" منهكة بعد اشهر من القتال، يلعب الموقف الاميركي الحاسم الدافع بقوة الى الهدنة، دورا اساسيا بردع "اسرائيل"، لكن يبقى احتمال اقدام نتنياهو على الانتحار وجر المنطقة ككل معه الى الهاوية احتمالا قائما!


الأكثر قراءة

طوفان الأجيال في أميركا