اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

اثار مشهد الحشود الشعبية التي اجتمعت في ساحة الشهداء في بيروت لاحياء ذكرى استشهاد الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ولحاق هذه الحشود بالرئيس سعد الحريري الى بيت الوسط، جملة تساؤلات حول سرعة لململة الصفوف "الزرقاء"، وعودة النبض الى الشارع "المستقبلي" الذي خفت على مدى سنتين متتاليتين.

مَن أمّن هذه الحشود، وكيف كان وقعها على معارضي الحريري الذين تمردوا عليه قبل اعتكافه السياسي، وبعد الاعتكاف ؟

ليس خافيا على أحد، ان اعتكاف الحريري جاء مخيبا لآمال العديد من قيادات "المستقبل"، ومحبطا لآخرين، وحينذاك اعلن الحريري ان قراره ينسحب على الملتزمين تنظيميا بالتيار، وغير ملزم للمقربين والحلفاء. حلت حينذاك الانتخابات النيابية، عزف بعض المنتسبين الى التيار عن الترشح، في ما خاض حلفاءه الانتخابات وفاز عدد لا يستهان بهم ممن هم على الهوى "المستقبلي"، وقيل يومذاك ان ذلك ليس الا توزيعا للادوار، كيلا يبقى التيار خارج السلطة السياسية.

بدا لافتا، في الايام القليلة الماضية، اثناء التحضيرات لاستقبال الحريري في ساحة الشهداء وبيت الوسط، حراك نواب وقيادات سياسية في الشمال ، تفرغت لحشد الناس واستنهاض الصفوف ولململتها. والاهم من كل ذلك، الاخذ على عاتقهم مسألة تمويل النقليات الى بيروت، وشكلوا بذلك مفاتيح التجييش لاستقبال الحريري، ليحققوا بذلك تفوقا في حشد غير مسبوق غاب سنوات عن بيروت.

في طرابلس، لوحظ ان النائب كريم كبارة يأتي في المرتبة الاولى، الذي حقق حشدا لافتا من انصاره الذين احتشدوا في مواكب من الباصات والسيارات للمشاركة في استقبال الحريري، ونشط في عملية التجييش نشطاء سياسيين واجتماعيين في المدينة، ابرزهم عامر أريش والسلو، وآخرين من قادة محاور سابقين. ولم يغب النائب ايهاب مطر عن مشهد التجييش، وشكل بذلك مفاجأة للشارع الطرابلسي حيث كان ترشح مطر تحت عنوان "التغيير".

في عكار كان البارز النائب وليد البعريني، الذي نجح في تأمين اضخم حشد شعبي، ولعل الذين استجابوا للبعريني ورافقوه الى بيروت، شكل قرابة نصف الحضور واكثر في حشود بيروت وبيت الوسط، حتى قيل ان حشود بيروت تكاد تكون بمعظمها حشود عكارية من انصار البعريني. كما كان للنائب محمد سليمان ايضا دورا في تأمين حشد من وادي خالد كان لافتا، ومثله النائب احمد الخير في المنيه، الى جانب المنسقيات في الشمال.

يمكن القول ان هذه "المفاتيح" شكلت ما يشبه غرفة عمليات بين طرابلس والمنيه وعكار لانجاح اللقاء مع الحريري في بيروت.

على الضفة الاخرى في الشمال، لوحظ وفق المتابعين ان نوابا سابقين وقيادات "مستقبلية" سابقة اصيبوا بما يشبه الوجوم حيال الحشد الكبير الذي تحقق في بيروت، وكانوا مراهنين على فشل واحباط لكل الجهود التي كانت تجري لاستقبال الحريري، حتى ان بعض هؤلاء سخّف الشعارات التي طرحت. ورغم التجييش الذي واكبت عليه المفاتيح المذكورة، لم تواجه صعوبات في التجييش لان الشارع السني ما يزال هواه حريريا ومتعطشا لعودته إلى الساحة السياسية وملء الفراغ الذي تركه. وحاجة هذا الشارع في المخزون السني الأكبر في الشمال إلى مرجعية سنية سياسية، لم يستطع ايا من النواب او القيادات السنية ملء هذا الفراغ او انتزاع البساط من تحت اقدام الحريري.

وهذا ما بدا بسهولة استنهاض الشارع السني، خاصة المعروفين بالمزاج الازرق الذين شعروا بعودة النبض اليهم لحظة إبلاغهم بعودة الحريري لايام إلى بيروت لإحياء ذكرى شهادة والده.

بعض هؤلاء ومنهم النائب السابق مصطفى علوش، افترض ان هذه الحشود لن تغير شيئا ما دام الحريري لا يحمل مشروعا سياسيا، واستبعد تراجع الحريري عن اعتكافه.

المتمردون على الحريري في الشمال كثر، وقد لزموا الصمت حيال مشهد بيروت في ١٤ شباط، وابرزهم النائب اشرف ريفي والنائب السابق معين مرعبي وآخرين الذين "تسلقوا" على الحريري وتياره ووصلوا الى مواقع نيابية بدعمه، ثم تخلوا عنه لاحقا وانحازوا لفترة إلى جانب شقيقه بهاء، في محاولة اقتناص ما اعتبروها فرصة للانقضاض على سعد الحريري ووراثته سياسيا وشعبيا، وقد فشلوا في ذلك حسب ملاحظات العديد من فاعليات الشمال.

الأكثر قراءة

طوفان الأجيال في أميركا