اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

"لا صوت يعلو فوق صوت المعركة"، حيث لا حلول ومبادرات فعلية حتى الآن توقف حرب ـ الابادة "الاسرائيلية" على غزة، وان الهدن السابقة التي حصلت بعد حوالى شهر على العدوان الاسرائيلي، وحصل فيها وقف لاطلاق النار لتسهيل تبادل الاسرى، فكانت مرحلة ومرت، وحاولت حركة حماس التجاوب مع اصحاب المساعي الحميدة، لا سيما من قطر التي قامت بدور ايجابي، علّها تدخل من الباب الانساني الى حل سياسي، ووقف اطلاق نار دائم وثابت، يحصل بعده انهاء ملف الاسرى عند الطرفين "الاسرائيلي" والفلسطيني، ثم يبدأ الحديث عن شكل الحل المرتجى، وهو لا يخرج عما هو مطروح منذ عقود حول قيام دولتين فلسطينية و"اسرائيلية" عند حدود العام 1967، وهو التاريخ الذي احتلت فيه "القوات الاسرائيلية" الضفة الغربية وغزة وسيناء والجولان.

ولان المعركة في غزة مستمرة، ولم يوقفها اتفاق ـ الاطار الذي توصل اليه رؤساء الاجهزة الامنية في كل من اميركا ومصر وقطر و"اسرائيل" اثناء لقائهم في باريس، فان الجبهات الاخرى المساندة للمقاومة الفلسطينية في غزة ستبقى ساخنة، من لبنان الى العراق وسوريا واليمن، وكل ساحة من ساحات المواجهة لها خصوصياتها وتوقيتها في عملية المساندة، اذ تبقى جبهة لبنان في جنوبه عند "الشريط الحدودي" الاكثر سخونة من جبهات اخرى، وهي ليست على تماس مباشر مع العدو الصهيوني، بل هي في مواجهة مع القوات الاميركية في العراق وسوريا واليمن، حيث تقوم هذه القوات بعمليات عسكرية، كرد على ما تتعرض له.

وارتباط ساحات المقاومة ووحدتها، هو ما يترك المواجهة متصاعدة، وعنوانها هو وقف العدوان على غزة ووقف التصعيد العسكري، وان جبهات المساندة فتحت بعد بدء الحرب التدميرية على غزة، وفق ما يؤكد مصدر قيادي في المقاومة الفلسطينية واللبنانية، وطبيعة هذه الحرب الوحشية التي لجأ اليها العدو الاسرائيلي، الذي لم يستهدف مراكز لحماس التي اعلن بان هدفه هو القضاء عليها، بل لجأ الى ارتكاب المجازر وقصف المباني والمنازل على سكانها، وهذا الواقع الكارثي لوحده، يدفع اي مواطن لديه ذرة من الانسانية، ويحمل القيم والاخلاق، ان يهبّ للدفاع عن اطفال ونساء يُقتلون، حيث لم يوفر الجيش الغاصب اي مكان الا ودمره، فلم تسلم من آلته العسكرية المدمرة المستشفيات والمدارس واماكن العبادة وملاجىء النازحين، حيث بلغ عدد الشهداء والجرحى اكثر من مئة الف، والمساكن التي دمرت بنحو 70%.

فغزة ربطت كل ساحات المقاومة بها، وان جبهة الجنوب غير منفصلة عنها، وهذا ما اكد عليه امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله، الذي اشار بانه لم يكن قرار مساندة غزة عسكرياً الا لان المعركة واحدة، وسبق واثناء الحروب التي خاضتها الجيوش العربية، ان لجأ بعضها الى وحدة الجبهات كمثل التنسيق الذي قام بين الجيشين المصري والسوري في حرب تشرين عام 1973، وتحرك الجيشان العراقي والاردني للمساندة، كما وضعت جيوش بعض الدول العربية في حالة جهوزية عسكرية، وهذا ما يكشفه خبير عسكري، الذي يشير الى ان ما طُرح بعد حرب حزيران 1967، حيث انهزمت فيها الجيوش العربية واحتلت "اسرائيل" اراض فلسطينية وسورية، فبدأ الحديث عن ضرورة قيام "الجبهة الشرقية" المكونة من سوريا والاردن والعراق، والتي تشكل "كماشة" حول الكيان الصهيوني. وعمل لبنان الرسمي، وفي ظل شعار "قوة لبنان في ضعفه" وتحييد جيشه عن المعركة، وهذا ما تسبب بانقسام داخلي ادى الى حرب اهلية.

فوحدة الساحات ليست اكتشافا عسكرياً، فهي امر استراتيجي وتسمى بـ"محور المقاومة"، الذي يفعل فعله في المواجهة المفتوحة مع العدو الاسرائيلي وراعيته اميركا، التي تنحاز انحيازاً كاملاً الى الكيان الصهيوني، الذي يجب ان يبقى ويقوى، كما اعلن الرئيس الاميركي جو بايدن، حيث لم تظهر ادارته بانها جادة في وقف الحرب، لا بل ان الموفدين الدوليين لم يجرأوا على الطلب من الحكومة "الاسرائيلية" وقف الحرب ـ الابادة.

من هنا، فان حزب الله لا يعوّل كثيرا على الموفدين الدوليين، لا سيما الاميركيين والفرنسيين منهم، الذين ينقلون تهديدات قادة العدو، ويطرحون اقتراحات تصب لصالح امن الكيان الصهيوني، وتطمين مستوطنيه في الشمال في فلسطين المحتلة، لا بل ان في المطالب "الاسرائيلية" التي يحملها الموفدون ويتبنوها في عملية تهويل للمسؤولين اللبنانيين، الذين ما زالوا على موقف واحد هو تطيبق القرار 1701، وان سبب اشتعال الجبهة الجنوبية مرتبط بوقف الحرب على غزة، والبحث يبدأ بالاسباب حيث المنطقة كلها مشتعلة، والحل يكون شاملاً وليس مجزأ، وهذا موقف حزب الله، وفق ما يؤكد عليه قياديون فيه، بان لا بحث في التهدئة جنوباً، قبل وقف الحرب "الاسرائيلية" التدميرية على غزة.

فبعد نحو خمسة اشهر على الحرب ـ الابادة، فان الحلول السياسية مؤجلة، لان العدو الاسرائيلي لا يريدها، بل يصر على استمرار اطلاق النار، وهذا ما اكد عليه رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو، الذي يصر على تحقيق انتصار في الميدان، والذي لم يحرزه ولن يتمكن منه، وهذا ما يسبب له الضغط الشعبي من قبل اهالي الاسرى او الصهاينة، الذين يعيشون كابوس الحرب، وهم لم يعتادوا عليها، اضافة ما سببته من نزوح لمئات آلاف المستوطنين، وشل الاقتصاد، وانهيار العملة (الشيكل)، وهذا لا يعني بان الخسائر لم تطل دول المواجهة.

الأكثر قراءة

اكثر من حجمه