اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

بعد انعدام الولاء الوطني وحلول الولاء المذهبي والحزبي محله

بعد تجاهل مبدأ: قبل أن تأخذ من وطنك أعطه ما بوسعك،

بعد كل أنواع الفساد والهدر والسرقة،

بعد كل أشكال فشل المسؤولين وعنادهم وطمعهم وتكديس الأموال

بعد ويلات الحروب التي خضناها والخلافات والنزاعات،

بعد ندرة الأدمغة الشريفة والنظيفة في مراكز القرار وفي المؤسسات،

جاء موضوع الزيادات العشوائيّة بدون أية دراسة مالية وبدون ضبط الأسعار،

فحصلت الكارثة الاقتصادية.

• لمحة عن قيمة النقد اللبناني

حتى أواخر العام 1984 كانت العملة اللبنانية من اقوى العملات:

الليرة تساوي أكثر من فرنكين فرنسيين

ثمن الدولار الأميركي أقل من ثلاث ليرات

معاشات الموظفين في القطاعين الخاص والعام، تتراوح بين 150 ل.ل. و505 ليرات.

قيمة ايجار البيت المؤلف من غرفتي نوم ودار ومطبخ وغرفة طعام وحمام بين 50 ل.ل. و70 ل.ل.

كلفة بناء الغرفة العادية 1000 ل.ل.

هذه أمثلة كافية لنعرف القوة الشرائية لليرة اللبنانية.

في أواخر سنة 1984 بدأت المؤامرة التي ما زالت تتفاقم حتى اليوم وقامت على

طلب زيادة على المعاش رافقتها الإضرابات والمظاهرات وما زاد الطين بلة ضعف الدولة وعدم وجود الرؤيا السليمة عند المسؤولين والعجز في منطقهم؛ أدت

هذه الأمور إلى الدخول في عملية الزيادات والمفاعيل الرجعية.

• الحلقة المفرغة

مراقبة الأسعار مفقودة، جشع التجار لا حدود له لإسكات الموظفين والعمال كانت تصدر قوانين الزيادات فترتفع الأسعار بنسبة

تفوق قيمة الزيادة، بعد فترة وجيزة يتضايق المستفيدون فيعودون إلى المطلب ذاته وإلى التحركات ذاتهاء فتأتي الزيادة أو ما يسمى تصحيح الأجور مجددا، وهكذا دواليك حتى وصلنا إلى الكارثة النقدية التي نتخبط فيها اليوم حيث أصبح معاش الموظف لا يكفيه لشراء قميص.

• رصاصة الرحمة

بقيت الحالة تتفاعل وتزداد تدهورا وسوءا حتى وصلنا إلى سلسلة الرتب والرواتب

التي أقرتها الدولة. وأطلقت بذلك رصاصة الرحمة على رأس الاقتصاد اللبناني، فبلغت المعاشات الملايين التي لا تحمل غير الإسم الجميل!

أما الملايين التي يقبضها الموظف فلا تكفي لدفع فواتير الكهرباء والمياه والرسوم المالية والبلدية... والباقي من المصروف يبقى تدبيره على الله!

واستمرارا لجهلنا كمواطنين وقصر نظرنا عدنا إلى ذات المطلب وكثرت الإضرابات حتى عمت سائر القطاعات،

هذا أمر لا يحتمل أن نرتكب الخطأ عينه لمدة أربعين سنة ولم نتعلم ولم نرتدع!

فأسقطنا البلد على رؤوسنا.

ولم ندرك بعد مع كل الآلام والفقر وهجرة الشباب والشابات إلى الخارج أن

مطلبنا لا قيمة له لا بل أنه سم قاتل أسقته أيادي المتآمرين والفاشلين وناقصي

العقول للبنانيين!

ولم نفهم بعد بأنه علينا أن نتوقف عن المطالبة بتصحيح الأجور وأن نطالب جديا

بمراقبة الأسعار وحماية المستهلك بطريقة علميّة وموضوعية.

• مفهوم المعاش

المعاش يعني المبلغ الذي يتقاضاه الموظف ليؤمن عيشه لمدة شهر فعندما نصل

الى زمن لا يكفي فيه المعاش مصروف يومين أو لا يدفع فاتورة الإشتراك بمولد

الكهرباء، نقف مندهشين ونسأل ماذا فعل اللبناني وماذا فعلت دولته حتى وصلنا الى

هذا الدرك من المستوى الإقتصادي المخيف لا بل إلى الإنهيار القاتل؟!

تعويضات ناهية الخدمة والمعاشات التقاعدية

هل حسبت الدولة مرة واحدة مقدار المبالغ الباهظة التي تترتب عليها كتعويضات نهاية الخدمة او معاشات تقاعدية لا والله وليعلم الجميع انها عاجزة مع كل مقتنياتها واصولها عن دفع تعويضات ومعاشلات تقاعد الى مئات الالوف من الموظفين الذين بغالبيتهم لا يعملون شيئا ولا لزوم لوجودهم في الوظيفة وقد بدأت المشكلة بالفعل!

هذا مع العلم ان تلك التعويضات لا قيمة لها. ومع ذلك ما زلنا حتى الان نطالب بالزيادة وعليه نؤكد اننا عاجزون عن التفكير السليم واننا نفتقر الى رجالات دولة يضعون فيها خطة اقتصادية شاملة تتعادل فيها كفتا الميزان: المدخول في كفة والمصروف في الاخرى.

لذلك سيستمر التدهور وستنتصر المؤامرة وستصبح عملتنا "بنكنوت تركي" لا تشتري شيئا ولا تطعم جائعا ولا تداوي مريضا... وعندئذ سيكون الصراخ وصريف الاسنان!

حقا اننا عاجزون عن تنظيم شؤوننا كدولة وتأمين مستقبلنا وكأننا بتنا بحاجة الى ابغض ما يكون في الدنيا اعني انتدابا جديدا يرعى شؤونا ويشيلنا من عترتنا الجهنمية!

حفظ الله ابناءنا وبناتنا في بلدان الاغتراب الذين يعملون ويضخون بعضا من اتعابهم الى ذويهم ويشكلون الاوكسيجين الاخير لرئتي الوطن...

نختصر كلامنا بعبارة واحدة: "ايها اللبناني لا تطالب دولتك بزيادة معاشك طالبها بوضع خطة اقتصادية جدية وعملية تكفل العيش الكريم لك ولعائلتك".


الأكثر قراءة

طوفان الأجيال في أميركا