اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

في 14 كانون الأول الماضي ضبطت شرطة المجلس النيابي في محيط مقر الرئاسة الثانية في عين التينة أحد الأشخاص خلال تصويره الشوارع، وضُبط بحوزته أدوات تصوير وهاتفين وجهاز تحديد مواقع وجهاز متطور آخر، وتبين بعد توقيف الرجل ومشغله أنهما في شركة متعاقدة مع شركة أجنبية، والمشروع هو تصوير الشوارع لصالح شركة "غوغل"، وهذا العمل يقوم على أساس تصوير الشارع خلال المرور به، ويتم بعدها رفع الصور والمشاهد الى "غوغل"، حيث يصبح بإمكان متصفح الموقع النزول الى الأرض من خلال جهازه المحمول" للشعور وكأنه في المكان.

هذه الخدمة التي تقدمها "غوغل" موجودة في كثير من دول العالم، ولكن في لبنان لها اهداف أخرى، تحديداً اسرائيلية، حيث تبين في الحادثة اعلاه ارتباط الشركة الأجنبية مع "اسرائيل"، وما نعيشه اليوم من أحداث على مستوى الحرب مع العدو الاسرائيلي يجعلنا نربط كل هذه النقاط سوية، خاصة بعد ما نشر "الاسرائيليون" في الساعات الماضية مقاطع "فيديو" للمكان المستهدف في الغازية، ولمكان آخر ادعى "الإسرائيلي" أنه يُستخدم من قبل المقاومة في منطقة كسروان وجبيل.

بعيداً عن محتوى المقاطع المصورة التي نشرها "الاسرائيلي"، تكشف "الديار" اليوم بعض آليات العمل التي يمكن أن يستفيد منها العدو، بعلم او دون علم الجهة اللبنانية التي تنفذ المشروع، بما يشكل للعدو مادة صافية وجاهزة للاستخدام كما في تلك المقاطع المصورة.

الآلية الاولى هي تلك التي كان يقوم بها الرجل في محيط عين التينة، حيث ارتباط الشركات العالمية بـ "اسرائيل" يجعل الاخيرة قادرة على استخدام "الداتا" بما يناسب مصلحتها، ولكن هناك أيضاً أمور خطيرة ينبغي ذكرها.

عندما عملت وزارة الشؤون الإجتماعية على تنفيذ برنامج "أمان" للحماية الاجتماعية، كُلفت إحدى المنظمات بزيارة العوائل التي "قد" تحتاج الى مساعدة من أجل تعبئة الاستمارات المطلوبة، وهذه المنظمة استعانت بشباب لبنانيين ليكونوا "الكشّافين" الذين ينتشرون في المناطق، ويدخلون المنازل ويعبئون الاستمارات على جهاز "تابلت"، وكان من ضمن الأمور المفروضة على كل كشّاف، هو إرسال "لوكايشن" من داخل المنزل الذي يزوره، لإثبات وجوده فيه، وكان يُسجّل بالتفصيل خط الطول وخط العرض للمكان المقصود، وهكذا أصبح هناك "داتا" بآلاف المواقع الدقيقة، فهل مَن يضمن أن لا تكون هذه المواقع قد انتقلت ليد العدو؟

لا تتوقف الأمور عند هذا الحدّ، فهناك مشروع آخر عملت إحدى المنظمات على تنفيذه هو مشروع "مسح الشوارع اللبنانية"، وهذا المشروع عبارة عن تصوير للشوارع، مع ذكر دقيق ومفصل لكل ما فيها، أي أن الشاب المعني بالعمل يدخل الشارع ويصوره، ثم يذكر محتواه بدقة: هنا على اليمين دكان سمانة، هنا على اليسار مستودع، هنا محل حلاقة، وهكذا حتى تُمسح الشوارع ومحتواها بدقة. وبحسب معلومات "الديار" فإن هذا المشروع طُبّق في مناطق عديدة من لبنان، لكن القيمين عليه وجدوا صعوبة في تنفيذه في مناطق تواجد الثنائي الشيعي، حيث تم منعهم من العمل لأسباب أمنية.

هذه المشاريع التي تستوجب تسجيل "داتا" كاملة ومفصلة عن أسماء العوائل، وعناوين ومواقع المنازل على خريطة الأقمار الصناعية، وتفاصيل الشوارع وما تتضمه من محال ومستودعات وشركات وغيره، قد تكون بريئة بحسب نية المنفذ، سواء كان وزارة أم منظمة، ولكن السؤال الأساسي هو من يضمن عدم تسريب هذه "الداتا"؟ طبعا ليس هناك من يضمن بعد أن أثبتت الحرب الحالية أن كل "داتا" اللبنانيين بيد "الاسرائيليين".

ما نشره "الاسرائيلي" من مشاهد في الغازية، وفي منطقة كسروان – جبيل لا يُبشر بخير، خاصة إن كان بالنسبة إليه وجود علم لحزب الله على عامود الكهرباء في الشارع، هو مؤشر على وجود مخازن سلاح للحزب، وهو ذهب بعيدا لمحاولة خلق فتنة في كسروان – جبيل، مستنداً الى صور ومشاهد "غوغل إيرث". ولكن بعيداً عن أي اتهام، ينبغي على الاجهزة المعنية التدقيق بعمل كل المنظمات في لبنان، فبعد الأزمة الاقتصادية عام 2019، وانفجار مرفأ بيروت، فُتح البلد على مصراعيه أمام منظمات تقول انها تأتي بهدف المساعدة، فهل تم التدقيق بها وبارتباطاتها؟

الأكثر قراءة

بطة عرجاء لتسوية عرجاء