اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


قد يكون العنوان الأمني هو الأبرز في كل ما يتمّ تداوله حول المباحثات التي أجراها الموفد الأميركي آموس هوكستين في بيروت مطلع الأسبوع الجاري، إلا أن اللافت فيها كان إشارته ولو بشكلٍ موجز إلى أنه وبعد استقرار الوضع الأمني وانطلاق مفاوضات تثبيت الحدود البرية الجنوبية، فإن الأعمال الاستكشافية عن الغاز في المياه اللبنانية ستنطلق مجدداً. فهل بات ملف الغاز والنفط متصلاً بالأجندة السياسية الأميركية في المنطقة؟ يتزامن هذا التساؤل مع تخلي شركة "توتال" عن التنقيب في البلوكين 8 و10 ومواصلتها الالتزام بالبلوك 9 في الجنوب ولكن من دون الحديث عن حفر بئر جديدة في المدى المنظور.

في هذا المجال، تكشف الخبيرة في شؤون الطاقة المحامية كريستينا أبي حيدر، في حديثٍ لـ  "الديار"، عن أن ملف الغاز "تحول إلى ملف سياسي منذ اللحظة الاولى، بمعنى توقيته وطريقة التعاطي الرسمي اللبناني معه واستثمار مقولة أن لبنان هو بلد نفطي، لتحقيق غايات سياسية والإيحاء للبنانيين بالبحبوحة ودفعهم إلى تحويل الأنظار عن الأزمة المالية الخطرة قبل الإنهيار في العام 2019".

ولذلك، تقول أبي حيدر، إن "السؤال تركز في المرحلة السابقة، عن أسباب حصول شركة توتال كل الحدود الجنوبية، علماً أن الائتلاف فرنسي – أيطالي - قطري، وتوتال تعمل في إسرائيل، وهذه البلوكات محاذية للبلوكات اللبنانية، وهو أمر غير مفاجىء، ولكن اليوم، وعلى أثر تقديم حق المونوبول لهذه الشركة في كل البلوكات، ثم تراجعها أخيراً، يؤكد وجود اعتبارات سياسية في هذا الملف الحيوي".

إلاّ أن أبي حيدر تلفت إلى "الترابط بين الملفين الأمني والسياسي، ولا يمكننا أن نقول إن توتال انسحبت بسبب عدم وجود الغاز في لبنان، لأنه كلام غيرعلمي، وإن كان الغاز ليس موجوداً في البئر التي حفرتها توتال، ولكنها لم تحفر أي بئر أخرى"، وبالتالي، "في ظل الظروف الحالية، لا يجب تحدّي الشركات الأجنبية، ونعلن أننا لم نعد بحاجة الى قرض من البنك الدولي لاستجرار الغاز المصري والكهرباء من الأردن، وخصوصاً أن المشكلة اليوم ليست فقط مالية بل هناك عقوبات قيصر، وإذا حللنا المشكلة المالية، يبقى التحدي السياسي".

وبالتالي، تكشف أبي حيدر، عن "دور لهوكشتاين الذي تحدث عن الاستقرار الاقتصادي في الجنوب من خلال الملف النفطي، بعد تسوية المشكلة البرية، ولكن توتال لم تنسحب بسبب عدم وجود غاز في البلوك الذي حفرت فيه، بل هي أعلنت أن السبب هو الشروط المجحفة، ولكن هل كانت الشروط السابقة جيدة، وهل قدمت لهم الدولة كل شيء ثم تراجعت؟"

ورداً على سؤال حول تأثير الحرب، لا تنكر أبي حيدر أن "للوضع الأمني أكبر تأثير في هذه الشركات، لأن الشركات تدفع كل التكاليف وليست مستعدة للمخاطرة، وقد عرضت توتال العمل بالطاقة المتجددة وشراء الحقول الشمسية المرخّصة بالتعاون مع كهرباء لبنان والتي وقعت عقود شراء طاقة مع 11 شركة و لم يتمكنوا ان يقلّعوا، بسبب غياب التمويل، وليس هناك جهة واحدة تموّل هذه الشركات لأنها ستعمل مع كهرباء لبنان، ولكن منذ أسبوعين، سمعنا أن شركة فرنسية هي: س م أ س جي أم، قد حصلت على رخصتين من أصل الـ 11 من وزارة الطاقة".

وانطلاقاً ممّا تقدم، ترى أبي حيدر أن الملف دخل في "البازار السياسي، وكثرة اللاعبين يحرق الطبخة، وخصوصاً أن لبنان لم يكن في أي مرحلة صاحب القرار، وهو يتبع للخارج بكل شيء، بمعنى مراعاة ما يطلبه الأميركيون ومن دون زعل الفرنسيين، لأن الأميركيين هم الأخطر، لأنهم يضعون العقوبات".

وعن الوضع الحالي تقول أبي حيدر إن "مهلة دورة التراخيص الثالثة تنتهي في تموز ولكن لم تتقدم أي شركة حتى الآن، فيما السؤال المطروح هو ما سيكون قرار توتال بالنسبة للبلوك 9 وما إذا كانت ستحفر بئراً جديدة أم ستنتظر أن تنتهي المهلة وتعيده للدولة اللبنانية، وبالتالي، كان هناك فشل في إدارة هذا الملف فقد أوهمونا ورفعوا السقف ثم بدؤوا بالتذرع بالمؤامرات للهروب من تحمل المسؤولية لأنهم سمحوا لتوتال بالمغادرة ولم يسألوها عن الأسباب". 

الأكثر قراءة

اكثر من حجمه