اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


رغم الاوضاع الاقتصادية والمعيشية، ورغم المعاناة التي يعيشها المواطن في يومياته، لتأمين حاجياته الاساسية الرمضانية، لم يرق هيئات وفاعليات طرابلسية أن تبدو شوارع المدينة كئيبة في شهر مبارك وفضيل، ولا سيما ان المدينة اعتادت أن تحيي التقاليد التراثية في هذا الشهر، فانبرت جمعيات وهيئات مع مبادرات فردية لتظهير الاجواء الرمضانية، مضافة اليها دعوات لتأمين هبات ومساعدات ووجبات افطار يومية لعائلات متعففة لا تجد قوت يومها، في ظل الظروف المعيشية السائدة.

شهدت شوارع طرابلس منذ اليوم الاول لشهر الصيام، ورشات عمل ناشطة في مختلف شوارع واحياء المدينة، حيث عكف على تركيب انارة وزينة رمضان بحلة اضفت على هذه الشوارع نكهة رمضان، فتلألأت المدينة بالاضواء في الساحات والشوارع، وبدت الاشجار مضاءة مع شعارات رمضانية.

لكن ما ينغص الافطارات الرمضانية، هو تصاعد غير مبرر لاسعار الخضر على انواعها، واسعار المواد الغذائية من لحوم ودواجن وغيرها، دون تدخل فاعل من مصلحة المستهلك للحد من ارتفاع الاسعار وخفضها الى مستواها الطبيعي، ومنع التجار من استغلال فاضح لشهر الصيام.

الا ان الغلاء المستشري والفاحش، لم يمنع الصائمين من احياء التراث الطرابلسي الرمضاني، فما إن تخلو شوارع المدينة لحظات الافطار، حيث تبدو الشوارع خالية من اي حركة سواء السيارات او المارة وفي حالة سكون تام، ولكن بعد الافطار تكتظ شوارع المدينة بالسيارات والناس ، لتبدو طرابلس كأنها في مهرجانات متنقلة. كما ان مآذن مساجد المدينة تصدح، وتغص باعداد المصلين الذين يفوق اعدادهم قدرة المساجد على احتوائهم، فتمتد صفوف المصلين الى الشوارع المحيطة بالمساجد، كما هو حاصل في مسجد الرحمن بمحلة الضم والفرز على سبيل المثال، وهي حالة يومية طوال شهر رمضان...

بعد الافطار تنتعش المقاهي والمطاعم في طرابلس، كما الاسواق والمحلات التجارية، وتنتعش افران الكعكة الطرابلسية الرمضانية التي اشتهرت بها المدينة، ويقصدها زبائن من مختلف انحاء الشمال، حتى من بيروت يقصدون الافران التراثية الاثرية لتناول الكعكة الرمضانية في ساعات السحور اليومي.

كما تفتح محلات الحلويات الطرابلسية ليلا الى ساعات متأخرة على غير عادتها احتفاء برمضان، ولذلك كان لشعار "بطرابلس رمضان أحلى" تجسيد لواقع الحال الذي تعيشه المدينة. وقد شكلت هذه المظاهر الاحتفالية الرمضانية، تحديا للواقع المعيشي والمالي المنهار، واصرار على النهوض بالمدينة بتضافر جهود جمعيات وهيئات دينية ومدنية وفاعليات محلية، للتأكيد على ان طرابلس مدينة حية تجسد رسالة المحبة والتعايش ووحدة النسيج الاجتماعي، فتضيف الى احتفالية "طرابلس عاصمة للثقافة العربية"، احتفالية "طرابلس مدينة العلم والعلماء"، بمشاركة من جميع مكونات المدينة.

الأكثر قراءة

طوفان الأجيال في أميركا