اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

ان عملية طوفان الاقصى التي قامت بها حركة حماس في 7 اكتوبر ثم الحرب الصهيونية على قطاع غزة وارتكاب جيش العدو الاسرائيلي حتى الان اكبر المجازر وحشية وحرب ابادة وجرائم حرب من كل الانواع سيكون لكل ذلك تداعيات في المنطقة العربية ومنها لبنان كما حصل في كل الحروب التي جرت في العالم وكانت لها تداعيات على دول الجوار حيث اشعلت الحرب ساحات المعارك وادت الى تغيير حدود وجغرافيا وتهجير سكان وكوارث اخرى.

بعد الحرب العالمية الثانية احتلت ايطاليا جزءا من النمسا وفرضت على الشعب النمساوي في المنطقة التي احتلتها ان لا يتكلم الالمانية وان يتكلم الايطالية ويتم تعليم الطلاب في المدارس اللغة الايطالية فقط كما احتلت يوغوسلافيا قسما من النمسا في زمن الماريشال تيتو وايضا منعت التكلم باللغة الالمانية وفرضت عليهم اللغة الصربية.

كما ان التخطيط الصهيوني لهجرة اليهود الى فلسطين في زمن الانتداب الفرنسي وانشاء عصابات الارغن والهاغانا وغيرهما مع دعم بريطاني وتزويد الصهاينة بالاسلحة، كل هذا ادى الى حرب 48 وانتصار الجيش الصهيوني على جيش الانقاذ العربي وقيام الدولة الصهيونية في حدود 1948 وهذا ما كان له تأثير على كل دول المنطقة المحيطة بفلسطين المحتلة، لا بل ابعد من ذلك حصلت ثورة الناصرية في مصر سنة 1952 مع حركة الضباط الاحرار التي قادها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر كما ان الدول العربية الاخرى حصلت فيها انقلابات عديدة وتغيير انظمة بعد حرب 1948 وادت الى حركة نزوح فلسطينية وتهجيرهم الى دول الجوار، ثم حصلت حرب 1967 وادت الى تغيير خريطة المنطقة كلها سواء من صحراء سيناء الى احتلال الضفة الغربية والقدس الشرقية، كذلك احتلال منطقة الجولان في اراضي الجمهورية السورية ونزوح نصف مليون فلسطيني الى لبنان واستقرارهم في مخيمات عديدة.

ان الحرب الصهيونية على قطاع غزة وارتكاب الصهيونية المجازر ضد الشعب الفلسطيني بشكل غير مسبوق سيكون له تداعيات خطيرة في المنطقة ولن تبقى محصورة في قطاع غزة او في الضفة الغربية وبالتالي لن تكون مصر بعيدة خاصة اذا قام جيش العدو الاسرائيلي باجتياح رفح في ظل وجود مليون ونصف مليون نازح فلسطيني فيها سيؤدي الى استشهاد الكثير من المدنيين والى حرب ابادة جديدة كما حصل حتى الان مع قرب انتهاء الشهر السادس من صمود المقاومة في قطاع غزة وبداية الشهر السابع بعد بضعة ايام، وهذا ما سيؤثر على مصر التي وقعّت كامب ديفيد وتم ترسيم الحدود بين سيناء وقطاع غزة.

والعملية العسكرية الاسرائيلية على رفح ستؤثر طبعا على النزوح لاحقا ان لم يكن فورا عبر تهجير قسم من الفلسطينيين الى سيناء وهذا ما لا يقبل به النظام في مصر برئاسة عبد الفتاح السيسي، كما ان الاردن لن يكون بعيدا عن حركات شعبية تأخذ شكل مظاهرات ولو ان المخابرات الاردنية تضبط الوضع انما سيكون له تأثير كبير، لان كل حرب تؤثر على دول المنطقة المجاورة لفلسطين المحتلة وبالتالي لن تبقى فقط في هذه الدول بل ستنتشر الى دول عربية عديدة.

اما بالنسبة للجمهورية السورية فان الحرب التي حصلت فيها ادت الى تغيير خريطتها، فالجيش التركي احتل قسما كبيرا من الاراضي السورية، كذلك هنالك احتلال اميركي في شمال شرق جمهورية سوريا في مناطق هامة قرب الفرات وفي دير الزور وانشاء قوات قسد الحليفة للجيش الاميركي، وبالتالي حرب قطاع غزة ستؤثر على الجمهورية السورية، كما ان لبنان الذي يوجد فيه مشروعان احدهما استراتيجية المقاومة بالحرب على الكيان الصهيوني دعما للشعب الفلسطيني المظلوم والمنكوب من حرب الصهيونية عليه، وهنالك مشروع الحياد في لبنان الذي تتبناه اكثرية المعارضة المسيحية وبالتالي لبنان لن يكون بعيدا عن نتائج وتداعيات الحرب الصهيونية على قطاع غزة وما سيحصل في المنطقة من رسم خرائط جديدة. والسؤال هنا هل سيتم تلبية البيانات التي صدرت عن الولايات المتحدة والدول الاوروبية وروسيا والصين ومعظم دول العالم بضرورة حل القضية الفلسطينية من خلال انشاء دولة فلسطينية مستقلة يسكنها الفلسطينيون ودولة يهودية في بقية المناطق، ومن يعرف الفكر الصهيوني اليهودي يعرف تماما ان لا مجال في هذا الفكر لقبول انشاء دولة فلسطينية او اعطاء شبر واحد من الاراضي التي تحتلها الصهيونية سواء في قطاع غزة وخاصة في الضفة الغربية والقدس الشرقية حتى لحكم ذاتي فلسطيني. واسحق رابين رئيس الوزراء الاسرائيلي الذي وقعّ على اتفاق اوسلو قتله صهيوني على بعد امتار منه واعتقل ولم يتحدث احد عن محاكمته والان نرى احزابا يهودية في حكومة نتنياهو التي يرأسها حزب اللكيود وهو حزب متطرف مثل الاحزاب اليهودية الاخرى لذلك من الصعب ان تقبل الصهيونية فكرة انشاء دولة فلسطينية.

ومن هنا لا يمكن ان يبقى لبنان على الحياد لان الكيان الصهيوني سيستهدف تركيبة لبنان حيث التعايش بين مختلف الطوائف ويشكل لبنان نموذجا مناقضا تماما للتركيبة الصهيونية في فلسطين المحتلة.

مهما حاول البعض السير في سياسة حياد لبنان، فان الصهيونية لن تترك لبنان مرتاحا واذا كان لبنان سيتكل على الدول الكبرى وفرنسا ودول اوروبا فان ذلك لا يشكل ضمانة للبنان، واما القرارات الدولية فلا تحترمها اسرائيل ابدا منذ القرار 242 الى القرار 1701 لان اسرائيل لن تنسحب ابدا من تلال كفرشوبا ولن تنسحب من مزارع شبعا وخاصة من تلال كفرشوبا لانها هامة لها وتابعة لجبل الشيخ والجولان وتطل على سهول فلسطين المحتلة.

لذلك فان مقاومة حزب الله في لبنان تنطلق من مبدأ اخلاقي وانساني واستراتيجي لدعم الشعب الفلسطيني واظهار قوة لبنان ضد الصهيونية وهي ضمانة على المدى البعيد وليس القريب فقط حاليا، لان الحرب التي تقودها مقاومة حزب الله ضد الكيان الصهيوني على جبهة الجنوب في منطقة شمال فلسطين المحتلة بلغت ذروتها ووصلت الى مستوى حرب تموز 2006 على الحدود، وبالتالي فان قوة لبنان هي في قوة المقاومة وليس في قرارات دولية او في حياده وستنعكس حرب غزة حتما على لبنان في ظل عدم قبول الصهيونية بانشاء دولة فلسطينية مستقلة وعلينا ان ننتظر ماذا سيحصل في الاشهر المقبلة لمعرفة تداعيات الحرب التي تجري في قطاع غزة والمجازر هناك.


الأكثر قراءة

طوفان الأجيال في أميركا