اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


يبدو أنّه آن الأوان لبدء تطبيق "خارطة الطريق" التي وضعها الأمن العام اللبناني "لتنظيم الوضع القانوني للنازحين السوريين وآلية عودتهم الى بلادهم"، لا سيما بعد جريمة اختطاف وقتل منسّق حزب "القوّات اللبنانية" في جبيل باسكال سليمان في وضح النهار من قبل سوريين تمّ إلقاء القبض عليهم. ولكيلا يدفع النازح السوري الصالح ثمن ما يرتكبه النازح الطالح من جرائم قتل وسرقة وتعدٍّ، لا بدّ من تصنيف السوريين بشكل سريع بين يدّ عاملة، ونازح سياسي، ونازح اقتصادي، وسائح ومرتكب للجرائم... وحمل الأرقام بالتفاصيل الى مؤتمر بروكسل المرتقب، سيما أنّه جرى إطلاع سفراء بعض الدول الكبرى وبعثة الاتحاد الأوروبي والمنظمة الدولية للهجرة والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عليها، لكي تقتنع بمخاطر هذا النزوح السياسي والاقتصادي والأمني على لبنان، لاتخاذ القرار بالمساعدة على تطبيق هذه الخارطة في أسرع وقت ممكن.

مصادر سياسية مطّلعة تحدّثت عن أنّه بعيداً عن التعصّب أو العنصرية التي يُتهم بها لبنان، فإنّ الوقائع على الأرض تشير الى وجود نسبة كبيرة من الإرهابيين والمجرمين من بين النازحين السوريين فيه. فرغم صغر مساحة لبنان الجغرافية، يعتبر البلد الأول في العالم الذي يستضيف هذا العدد الهائل من اللاجئين والنازحين على أرضه الذي يصل الى نصف عدد سكّانه. من هنا الخطر على الكيان والهوية والديموغرافيا التي قد تتغيّر، كلّما طال وقت الإستضافة ولم يعودوا الى بلادهم. فمقابل كلّ لبنانيَين هناك نازح سوري واحد، ومقابل كلّ ولادة لأم لبنانية، هناك 4 ولادات لأمهات سوريات من دون أوراق ثبوتية. علماً بأنّ نمو اللبنانيين يُسجّل 1 % سنوياً، في حين يصل لدى النازحين السوريين الى 4%، وهنا يكمن الخطر الحقيقي في إمكانية أن يفوق عددهم عدد اللبنانيين خلال السنوات المقبلة.

والى جانب هذا التفاقم الكبير في أعداد الولادات نسبة الى الولادات اللبنانية، تقول المصادر بأنّ الخطر الداهم اليوم هو أمني. وقد شهدت الساحة اللبنانية أخيراً أحداثاً عدّة أبطالها سوريون، من سرقة الكنائس، الى جريمة السيوفي، الى اختطاف وقتل سليمان وسواها. وتشير المعلومات لدى الأجهزة الأمنية بأنّ 85% من الجرائم يرتكبها سوريون بالتعاون مع بعض الفلسطينيين أو اللبنانيين، وأنّ 40% من الموقوفين من حاملي الجنسية السورية، فضلاً عن وجود أكثر من 3 آلاف سجين سوري في السجون اللبنانية.

فالأرقام تتكلّم اليوم، على ما تابعت المصادر نفسها، دون أي شيء آخر، وهي تشير الى أنّ كلفة النزوح المباشرة على لبنان، وصلت الى نحو مليار ونصف المليار سنوياً وفق البنك الدولي، في حين أنّ الكلفة غير المباشرة بلغت 3 مليار دولار في السنة الواحدة. وهذا يعني من خلال عملية حسابية أنّ كلفة استضافة النازحين السوريين على الخزينة اللبنانية وصلت الى 4 مليارات ونصف سنوياً، أي ما مجموعه 58 مليارا خلال السنوات الـ 13 المنصرمة. وهذا الرقم كبير جدّاً، وليس بإمكان لبنان الذي يعاني من أزمة مالية وإقتصادية ومعيشية وإجتماعية خانقة تحمّله، رغم المساعدات التي تقدّمها له بعض الدول والمنظمات الدولية، لأنّها لا تسدّ جزءاً قليلاً من هذه الكلفة. لهذا، فإنّ لبنان يُفضّل أن يتمّ تقديم هذه المساعدات للنازحين السوريين أنفسهم شرط عودتهم الى المناطق الآمنة في بلادهم، الأمر الذي يُخفّف العبء والضغط الكبير على لبنان.

ويُلاحظ أنّ دول العالم المستضيفة للنازحين السوريين، عند اكتشافها العصابات المنظّمة من المجرمين أو السارقين بين صفوف النازحين السوريين من طالبي الهجرة أو سواهم، على ما أضافت المصادر، تقوم فوراً بترحيلهم بشكل مباشر الى بلادهم كونهم يُشكّلون خطراً أمنياً فعلياً على السكّان الأصليين. وما جرى أخيراً في لبنان، من سرقة كنيسة مار يوسف - الحكمة وسواها من الكنائس، الى جريمة الاشرفية، وصولاً الى جريمة اختطاف وقتل سليمان، أظهر وجود عصابات منظّمة من السوريين المقيمين في لبنان، ما يحثّ المعنيين على البدء فوراً بعملية فرز النازحين السوريين.

وتجد المصادر عينها بأنّه لولا تدارك وزارة الداخلية والأجهزة الأمنية والمسؤولين المعنيين ما حصل أخيراً من محاولة لإشعال الفتنة بين أبناء الوطن الواحد، لكانت تمكّنت من مدّ رأسها على الساحة الداخلية، غير أنّ الدعوات الى ضبط النفس كانت الأقوى والأفعل لتثبيت الإستقرار الداخلي. ولكن في الوقت نفسه، لا بدّ من بدء التحرّك الجدّي في اتجاه وضع حدّ لكلّ خطر محدق باللبنانيين، من خلال ترحيل كلّ من يظهره التحقيق أنّه يريد توريط لبنان أمنياً.

فالأحداث المتراكمة الأخيرة دفعت بأزمة النزوح السوري الى الواجهة مجدّداً، ولا بدّ من مقاربتها سياسياً وأمنياً لتلافي المزيد من الجرائم.

ولأنّ لبنان ليس بلد لجوء إنّما بلد عبور، وليس بالتالي طرفاً في إتفاقية فيينا للاجئين، ولأنّ دستوره يرفض التوطين، على ما عقّبت المصادر، لا يستطيع المجتمع الدولي أو الإتحاد الأوروبي أو المنظمات الدولية، فرض "التوطين المبطّن" عليه، من خلال تقديم المساعدات للنازحين السوريين على أراضيه لكي يبقوا ويندمجوا في المجتمع. في حين أنّ الهدف الأساسي، إزاحة هذا الأزمة عن الدول الأوروبية والتي هي دول لجوء. من هنا، تبرز الحاجة الى العمل على "داتا" النازحين لفرزهم، ووقف المؤسسات السورية غير الشرعية التي تُنافس المؤسسات اللبنانية، والتي وصل عددها الى نحو 60% من حجم الإقتصاد الوطني، فضلاً عن الحدّ من اليد العاملة التي تُنافس اللبنانيين أيضاً على لقمة عيشهم، في حين أنّ القانون يمنع السوريين من مزاولة المهن، باستثناء العمل في البناء والنظافة والزراعة.

ومن هنا، أكّدت المصادر أنّ الأمن العام قد بدأ العمل على تطبيق "خارطة الطريق"، انطلاقاً من ضبط الدخول الى لبنان، والإقامة فيه من قبل النازحين السوريين، وتنظيم وجودهم على أراضيه، واستئناف إطلاق قوافل العودة. وهو يعتمد على مبدأ عدم الإعادة القسرية، ومعالجة أوضاع تداعيات النزوح، وصولاً الى تأمين العودة الآمنة والكريمة الى بلادهم، أو إعادة توطين الراغبين منهم في بلدٍ ثالث. فضلاً عن تطبيق أحكام القوانين على جميع الأشخاصِ المقيمين على الأراضي اللبنانية حفاظاً على سيادة الدولة، وتشديد الرقابة على الحدود منعاً لعمليات تهريب الأشخاص، وردّ كلّ من يريد الدخول بطريقة غير شرعية الى الأراضي اللبنانية.

الأكثر قراءة

الورقة الفرنسيّة المعدّلة عند بري... وحزب الله يُحدّد ملامح «اليوم التالي» التعديلات تتضمّن إعادة «انتشار» لا انسحاب للمقاومة... ماذا عن ملف الغاز ؟ توصية المعهد القومي «الإسرائيلي»: لا تغامروا بحرب شاملة في الشمال !