اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

مع بدء العام الدراسي يواجه الطلاب بمختلف الفئات العمرية مخاوف عديدة أبرزها التعرّض للتنمّر الذي يؤثر سلبا على صحتهم النفسية وقد يحوّل حياتهم الى جحيم.

تروي كريستال تجربتها مع التّنمّر، وقالت: "إنتقلت من بيروت مع عائلتي للعيش في إحدى القرى، كنت حينها بعمر الحادية عشرة، فاضطررت بطبيعة الحال لتغيير المدرسة. كنت في الصف السادس، تعرّضت للتنمر من قبل زملائي في الصف وهم مجموعة مؤلفة من 4 فتيات و3 فتيان، ليس بسبب شكلي او ملابسي، بل فقط لأنني الطالبة الجديدة وأيضا بسبب لهجتي المختلفة عنهم، وبسبب أيضا غرور هذه المجموعة فالفتيات كنّ ضمن الأوائل في الصف والفتيان كانوا الأكثر شعبية، ما أعطاهم مساحة أكبر للتنمر على الطلاب".

ووصفت كريستال تلك المرحلة قائلة: "في الفترة الأولى لم أتأقلم مع الجو الجديد، كنت أتعرض للتنمر عند قيامي بأي حركة أو قول أو تصرف. واستمرت المضايقات لسنتين، كانتا الأسوأ في المرحلة الدراسية. في تلك المرحلة كنت أنزعج كثيرا وأعبّر عن غضبي في المنزل بالصراخ والعزلة. وعندما لاحظت والدتي تصرفاتي الغريبة، تحدّثت الى إدارة المدرسة، وكان ذلك من أحد الأسباب التي أوقفت المجموعة عن إزعاجي. ومن الأسباب التي أدّت الى توقفهم عن مضايقتي، قيامي بكتابة رسالة الى أحد المتنمرين أعبّر فيها عن حبي الطفولي والبريء، وفي اليوم التالي تغيّرت طريقة معاملته لي، وأصبحنا مع مرور الوقت أصدقاء مقرّبين، حتى انه أصبح من أول المدافعين عني في حال تعرّضي للتنمر من الآخرين. واستمرت علاقة الصداقة حتى يومنا هذا أي بعد مرور 11 سنة".

أمّا نبيل وهو في العقد الثالث من عمره فأشار الى انه تعرّض للتنمر في مرحلة الطفولة بسبب مشكلة صحية يعاني منها ولكنه كان يواجه الموضوع بتجاهل المتنمرين، ولم يتأثر بذلك أبدا.

من جهتها قالت سالي: "تعرّضت للتنمر في عمر المراهقة بسبب نظاراتي الطبية وأنفي الكبير، فكنت اشعر كل يوم ان ذهابي الى المدرسة وتحمل الاساءات بمثابة عقاب، ولم أكن أخبر أهلي خوفا من ان أتعرّض للمضايقة والتنمر أكثر. لم أعرف كيف مضت السنة وانتقلت الى مدرسة جديدة وتخلصت من هذا الكابوس".

فما هي أسباب التنمر وكيف نتعامل مع الطفل الذي تعرّض للتنمر، وما هي السبل للحدّ من هذه الظاهرة الخطيرة؟

للإجابة على هذه الأسئلة أكدت المعالجة النفسية رانيا كمال خير، انّ "التّنمّر هو إسقاط لمشاعر سلبية على البيئة المحيطة، وهو شكل من أشكال التصرف العدواني المتكرر المتعَمّد: قد يكون لفظيا كالسخرية والإهانة، او سلوكيا كاستبعاد اللعب مع أحد الأولاد أو عدم دعوته الى عيد ميلاد أو سهرة، وقد يتطور ليصل الى التعرض للأذى الجسدي".

وشرحت خير التنمر بانّه "تقليد سلوك النمر: بشراسته، وبتخويفه للآخرين لان المتنمر يستعمل التهديد أحيانا، وبإيذاء الآخرين. " وأضافت: "التنمر نجده في كل البيئات: الأسر، المدارس، العمل..".


من هو المتنمّر في المدرسة؟

أجابت خير: "انّ التنمّر قد يتمّ من قبل شخص مورس عليه سلوك التنمر فتبنّاه وتصرّف بنفس الطريقة، وقد يكون نتيجة:

- شعور المتنمر بالقوة أو السلطة (ابن المدير- ابن مسؤول- ابن الناظر أو المعلمة).

- دلال زائد، فهو يحصل دائما على طلباته، ويقول ما يخطر بباله دون الإهتمام بمشاعر الآخرين."

- لديه شخصية أنانية ورغبة بالصراع الدائم.

- رغبة باستضعاف للآخر (المتنمّر عليه).

- نتيجة حرمان و ظروف بيئية، اجتماعية، اقتصادية معينة، فيصبح لدى المتنمّر نقمة وسلوك عدواني تجاه من هم توفر لهم ما لم يتوفر له.

أمّا المتنَمر عليه، فوصفته خير بانّه "شخص يعرف أن حريته بالتعبير تقف عند حدود حرية الآخر، يتقبل الآخر كيفما كان شكله، ويحب الحوار. كما انّه يشعر بالإحراج وبعدم القدرة على رد الإساءة: لأسباب عديدة، منها: التزامه الإحترام تجاه الآخرين، أو التزامأ منه بقانون المدرسة، أوبسبب تكوين شخصيته وحبّه للتواصل والحوار عوضا عن الصراع، بالإضافة الى بنيته الجسدية، فهو قد يخاف من المتنمر في حال تعرّضه للتهديد من قبله، وربما نتيجة قلقه من أن أحدا لن يتعاطف معه او يصدقه، أوتجنبا للمشاكل و تجنب تدخل أهله أو الإدارة.

مع الإشارة الى ان المتنمر عليه قد يتبنى هذا السلوك ويكرّره مع آخرين لانه لم يستطع أن يردها في وقتها ، وهكذا تكبر الحلقة بطرق وأشخاص وأوقات مختلفة.


كيفية التصدّي لهذه الظاهرة

وعدّدت خير سبل التوعية أو التّصدي لهذا السلوك من خلال:

1- التوعية في المدرسة: المعلمات والإدارة، والطلاب والأهل.

٢- تحديد قانون المدرسة و شرحه و الإمتثال له و تطبيقه.

٣- التعامل مع المُتنمِر و توعية و شرح ما هي حقوقه و ما هي واجباته بالإحترام و الالتزام: تدريب على مفهوم التعاطف والمشاركة وتعزيز أفكاره إيجابيا عن نفسه.

٤- توعية أهل المُتَنمِر على طريقة للتعامل معه: حيث يمكن أن يكون ضحية تربية مليئة بالانتقاد و العنف اللفظي أو التنمر من قبل الأهل أنفسهم تجاه أفعاله أو أقواله. وبطبيعة الحال ان الولد سيتشبّه بهذه الطريقة و يتعامل بها مع رفاقه.

٥- تدريب الأهل على التواصل و الحوار الأسري الإيجابي الموجه مع أولادهم، التحدث معهم ليس فقط بالتحصيل الاكاديمي و انما أيضا كيف قضوا يومهم وعن مشاعرهم.

وعن تأثيرات التّنمّر على التلاميذ، أكدت خير انها "سلبية طبعا، فالمُتنمّر عليه يشعر انه بدون رفاقه وانه منبوذ وفيه عيب، ويصبح لديه سلوك تجنبي، كما يشعر بالإحراج والخجل، ويصبح لديه قلة ثقة بنفسه وبقدراته، بالإضافة الى عدم تركيز وتشتت ذهني في الصف وتردّد بالإجابة وبالتالي تراجع مدرسي".

وأشارت الى انه "من الممكن أيضا أن يصبح لديه نقمة، واكتئاب، وتوتر، وأفكار انتحارية أو محاولات أو انتحار. كما انه قد يصبح لديه اضطرابات اجتماعية (انطواء، انخراط بأنشطة إجرامية أو تخريبية كردّ فعل وذلك بحسب حجم و مضمون التنمر الحاصل و حسب تعامل بيئته مع حالته و حسب حصانته النفسية أو تصدعها."


كيف يتعامل الأهل و المدرسة مع المتنمَر عليه؟

فنّدت خير كيفية التعامل مع المتنمّر عليه، عبر الآتي:

- توعية انّه تعرّض للتنمر من قبل (ضعيف: ضحية سابقة).

- إعطاؤه الحق بالدفاع عن نفسه.

- إعطاؤه الفرصة للتعبير عن ما يشعر به.

- الشرح له أن المُتنمِر سيعاقب بحسب قانون المدرسة و هذا ليس تعدّي او تجنّي شخصي عليه، (لأنّ المتنمر عليه بشخصيته ليس هجوميا ولا يحبّ الأذية وعادة يكون صاحب شخصية حساسة قد يرفض الإفصاح عن من آذاه حتى لا يتسبّب له بالعقاب لأنّه بذلك سيشعر بالذنب كون احساس التعاطف لديه يكون عاليا).

- توعيته انّه يحقّ له أن يرفض هذا التصرف و ان لا يسمح للآخرين بهذا السلوك.

- تعزيز ثقته بنفسه و تحصينه نفسياً بالدعم من قبل الأهل و عدم التهاون بحقه وعدم التغاضي عن الموضوع و تمريره مرور الكرام، اعطاء الوقت الكافي للتعبير، الإصغاء لما يريد.

- تشجيعه على الاإنخراط بأنشطة ودعم انجازاته الرياضية، الفنية، تنمية مواهب...

- أن يقول له الأهل:" نفتخر بك و نحبك". 

الأكثر قراءة

كيف منعت إيران الحرب ضدّ لبنان؟