اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

إنها دورة التغيير، وتفعيل المساحات البديلة، وإشراك الجمهور. تحت هذه العناوين، ينطلق "مهرجان بيروت الدولي للرقص المعاصر- بايبود" (2024)، على وقع أسئلة يفرضها الفضاء المنكوب من غزة إلى جنوب لبنان. بروح معاصرة، وتمرّد على الصالات والعلب الإيطالية للمسرح، تحتفي بيروت، مدينة الكثافة العمرانية، والدمار، والأزمات، والانهيارات، والحب، والثورات، والرقص، بعيد "بايبود" الذي يطفئ شمعته العشرين. وحتى 21 نيسان المقبل، تُقام سلسلة عروض رقص معاصر، وورش عمل، ولقاءات، تجمع فنانين لبنانيين وأجانب. الدورة العشرون تحمل عنوان "لنفعل ولنتشارك" (To Do To Share)، تستكشف تقاطع الإبداع مع الحياة اليومية والقيم، وتفعّل موقع الجسد خارج الأطر السائدة، وتطرح أسئلة عن علاقة الفن مع الفضاء العام، وعلاقة الفنانات والفنانين مع السياسات الثقافية ومقرّريها. يجري كل ذلك ضمن سلسلة فعاليات توفر تأملاً في الجسد الذي هتكته الحروب في عالم الجنوب، وسؤالاً عن الجسد المنهَك في شمال الأرض. على مدار السنوات السابقة، رسّخ المهرجان الذي يديره مؤسس فرقة "مقامات" عمر راجح وميا حبيس، تشابكاً وتداخلاً مع السياق العام، وتجرّؤاً على طرح وتكريس الرؤى الحداثية والمتطورة والفعّالة للعمل الثقافي. حين انطلق في عام 2004، ترافق مع الانهيارات والخضات السياسية المحلية والإقليمية. يقول عمر راجح لنا: "المهرجان يعمل، والظروف تشتد وصولاً إلى دورتنا الحالية". يُعيد "بايبود" هذا العام، رسم خريطة جديدة لعروض الرقص في بيروت، حيث تُعطي المواقع والمساحات والفضاءات المختارة من قبل المنظمين (ثلاثة فضاءات تحتضن العروض في بيروت) بُعداً آخر. يقول راجح: "في الدورة العشرين، ننتقل من "المشهدية" إلى "الفعل". سنرسّخ جمالية عالية (إستيتك) في الصالة التي شكلت ملاذاً لنا على مدار عقود، إذ نرى اليوم أننا بحاجة إلى تفعيل الإستيتك مع الجمهور. الجلوس في المسرح فيه فوقية اجتماعية تحكم العلاقة مع الجمهور، إن صحّ التعبير. حتماً، لا يمكننا الاستغناء أو الخروج عن المفاهيم التي تكرّسها الصالة، سنظل نقدم العروض في المسارح، لكننا سنُعيد التفكير في صيغة أخرى. لذا، يأتي "بايبود" هذا العام ترجمةً لذلك. "علينا أن نعي أن الأفكار، كالمساواة أو التعددية أو الحرية، يجب أن تنعكس في فضاء العرض... وعليه، تتمحور آلية البحث عن فضاءات تعكس مفاهيم العرض... نحاول أخذ العلاقة مع الجمهور ليكون العرض مكاناً للفعل والمشاركة والتعبير وتبادل الأفكار وليس فقط مكاناً للفرجة". فـ "المهرجان غير منفصل عن المحيط. هناك أحداث كبيرة تجري في غزة وجنوب لبنان، لا يمكن التغاضي عنها، بل هي في صلب اهتماماتنا العاطفية والإنسانية. تحتّم علينا الظروف إقامة المهرجان، لأن هدفه ليس الفرجة ولا المتعة، بل هو مساحة لتثبيت المواقف، والتعبير عن الآراء، والحرب على غزة وجنوب لبنان، تفرض نفسها على المهرجان، من هنا كان إصرارانا على إقامته حيث لا يمكن للقتل أن يربح".

الأكثر قراءة

كيف منعت إيران الحرب ضدّ لبنان؟