اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


عندما تصطدم العدالة بالعنف، ويتحول الشارع إلى ساحة مواجهة لمظاهر الظلم، يتجلى الغضب والاستياء بقوة. هكذا شهد لبنان مأساة تجسدت في مقطع فيديو مروع انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تعرضت محامية للضرب والسحل بطريقة همجية أمام أعين الجميع، وسط غياب تام للحماية والإنصاف.

تلك اللقطات الصادمة للهجوم الوحشي على المحامية سوزي بو حمدان في الشارع، أمام المحكمة في منطقة الشياح جنوب العاصمة بيروت، أشعلت غضبًا شديدًا وسط الرأي العام اللبناني. وبحسب المعلومات، فإن بو حمدان تعرضت لهذا الهجوم البشع من زوج موكلتها ووالده، دون أدنى تدخل من الجهات الأمنية المعنية.

وفي مقابلة حصرية مع "الديار"، كشفت المحامية سوزي بو حمدان عن قصة صادمة تكشف عن مأساة العنف الأسري وتجاهل العدالة في لبنان، مؤكدةً "أنها تدافع عن امرأة تعاني من تعنيف زوجها مهدي الموسوي بسبب قضية حضانة".

وفي ضوء تفاقم الأزمة، أوضحت بو حمدان لـ "الديار": "كلفت من قبل امرأة من آل المصري الدفاع عنها بوجه زوجها مهدي الموسوي بسبب دعوى حضانة قدمت ضدها". وقد شاركت المحامية في تفاصيل أكثر حول سبب المشكلة الزوجية، مشيرة إلى أن "سبب المشكلة بين الزوج والزوجة هو مشاكل عائلية وتعرض الزوجة للضرب والتعنيف على يد والد زوجها بصخور حادة على كتفها وعيونها".

وفي محاولة سابقة لإصلاح العلاقة المتوترة بين الزوجين، قرر القاضي في المحكمة الشرعية في بعلبك منح مهلة لمهدي الموسوي الى 16 الشهر الحالي لإرجاع زوجته إلى منزله وتكفله بإعالتها وابنهما البالغ من العمر سنتين. ورغم هذا، يظل الزوج متخاذلاً في مسؤولياته، حيث لا ينفق على زوجته وابنه مع العلم أن الموسوي قد اصطحب زوجته وطفله الى منزل والد الزوجة منذ 8 أشهر، وقد تقدمت الزوجة بشكوى إلى المحكمة الجعفرية في بعلبك، طالبةً بنفقة ومعرفة مصير علاقتها مع زوجها.

كما كشفت بو حمدان  لـ "الديار" عن تفاصيل صادمة تبرز خطورة الموقف الذي واجهته أثناء تمثيلها لموكلتها في المحكمة. مشيرةً إلى أنه "بعد انتهاء الجلسة الأولى بكل هدوء، وخروجها إلى مدخل المحكمة، وجدت نفسها واقفة بجانب المكان الذي تتواجد فيه القوى الأمنية".

ومن هنا بدأت الحادثة تأخذ منحىًا مخيفًا، حيث أفادت بو حمدان أنها "التقت بالموسوي ووالده، اللذين بدأا في توجيه تهديدات لها باستخدام إشارات من خلال يديهما". وذكرت أنها "لجأت على الفور إلى القوى الأمنية لطلب الحماية والدعم في مواجهة التهديدات، إلا أن الرد الذي حصلت عليه كان صادمًا"، حيث قيل لها: "لا تخافي، ما بيتجرأ ع محامية... نزلي وإذا صار شيء، دقي على المحكمة". هذا الرد اللافت يثير العديد من التساؤلات حول دور القوى الأمنية في تقديم الحماية وضمان سلامة المواطنين، خاصةً في ظل تزايد حالات التهديد والعنف في المجتمع.

وشرحت بو حمدان تفاصيل الاعتداء الذي تعرضت له عند مدخل البناية، ففي طريق عودتها من القوى الأمنية واجهت هجومًا عنيفًا وتلفظًا بألفاظ غير لائقة من قبل الزوج ووالده. وأضافت أن "المهاجمان لم يكتفيا بالاعتداء اللفظي والجسدي وسرقة الملف القانوني الذي كان بيدها، بل تابعا الاعتداء عليها حتى عندما حاولت العودة الى داخل المحكمة وإبلاغ القاضي بالواقعة، فتعرضت للضرب مرة أخرى على درج المحكمة، حيث هددها الموسوي بالقتل ومحاولة سرقة حقيبتها، قائلًا: “بدي اقتلها وآخد جزدانها!”، لكنه فشل في ذلك بفضل تدخل امرأة ساعدتها. وأشارت بو حمدان إلى أن "العديد من الرجال، بما في ذلك حراس الأمن، لم يحركوا ساكنًا، مستغلًا المهاجم الادعاء الكاذب بأنها زوجته لتبرير العنف، قائلًا للمارة: “زوجتي وأنا حر فيها”، مما يعكس الاعتقاد الخاطئ بأن له الحق في ضرب زوجته".

وفي وقت متأخر من يوم الخميس، انتشر مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي يظهر شخصًا يُدعى مهدي الموسوي، يعترف فيه بالاعتداء الذي قام به، ويقدم اعتذارًا للمحامية ونقيب المحامين.

وفي تصريح مثير، قام الموسوي بتبرير تصرفه بسبب "الضغوط النفسية والاجتماعية" التي يعيشها في لبنان حاليًا، مما دفعه للانفعال والاعتداء على بو حمدان.

وقال الموسوي في الفيديو: "أنا مهدي الموسوي، أقدم اعتذاري من نقابة المحامين، ومن نقيب المحامين فادي مصري، ومن المحامية سوزي بو حمدان. الضغوط النفسية والاجتماعية أدت إلى حالة انفعال غير سوية".

فبالإضافة إلى تفاعل المجتمع اللبناني مع الحادثة، حيث شجبت جهات لبنانية الواقعة وطالبت بمعاقبة المعتدين، مشيرةً إلى أن "الجرم الذي يقع على المحامي في أثناء ممارسته مهنته مساوٍ للجرم الذي يقع على القاضي"، وفقًا لما ورد في المادة 76 من قانون تنظيم مهنة المحاماة.

وأصدرت نقابة المحامين في بيروت بيانًا استنكرت فيه بشدة الاعتداء على بو حمدان "من قبل شخصين باتا معروفين من الجميع". وأكدت على أن نقيب المحامين في بيروت فادي مصري تحرك فورًا وكلف مفوضة قصر العدل مايا الزغريني بمتابعة الموضوع مع الجهات القضائية والأمنية المختصة.

وفي خطوة إضافية، أشارت النقابة إلى أنها ستأخذ صفة الادعاء الشخصي إلى جانب بو حمدان، وأكدت أن المحامي العام الاستئنافي القاضي رامي عبدالله أصدر إشارة إحضار بحق المعتدين، فيما طالبت القضاء المختص باتخاذ أقصى العقوبات بهم.

ومن جانبها، تقدمت بو حمدان بشكوى فورية، وعمل مخفر الطيونة على فتح تحقيق بالحادث، مما يظهر التصميم الكامل للسلطات القضائية والأمنية على تحقيق العدالة في هذا الشأن.

ففي ختام هذا السياق المؤلم، يظهر الواقع المرير الذي تواجهه المحاميات والمحامين في لبنان، حيث يتعرضون للتهديد والاعتداء أثناء ممارستهم لمهنتهم النبيلة في الدفاع عن العدالة. إن هذه الحادثة الشائنة لا تمثل فقط اعتداءً على بو حمدان بل هي اعتداءٌ على مهنة المحاماة وقيم العدالة والاحترام التي يجب أن تحترم في أي مجتمع مدني.

كما تحمل هذه الحادثة المروعة دلالات خطرة تتطلب من السلطات المعنية التحرك الفوري واتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان حماية المحامين والمحاميات وتقديم المعتدين للعدالة. إن استنكار نقابة المحامين ودعمها لبو حمدان يشكل رسالة واضحة بأن العنف والتهديد لن يمرا مرور الكرام دون محاسبة.

الأكثر قراءة

النص الحرفي للمقترح الذي وافقت عليه حماس... اليكم تفاصيله