اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


 تقول الصحف الغربية ان آيات الله أرادوا تقديم هدية لجو بايدن، منعاً لعودة دونالد ترامب الى البيت الأبيض، فاذا بالهدية تذهب الى بنيامين نتنياهو الذي كان رأسه على وشك أن يتدحرج على أرض غزة. في هذه الحال، من يمسك بأذني الآخر...  بايدن أم نتياهو؟

الاجابة على هذا السؤال تحدد، على الأقل، المسار السياسي للشرق الأوسط في هذه المرحلة، وان كان معلوماً أن كل ما يعني الرئيس الأميركي الآن، كبطة عرجاء، جمع الأوراق الانتخابية، باعتبار أن المنطقة، والى اشعار آخر، مركز الاستقطاب العسكري والسياسي والديبلوماسي، ليبدو نتنياهو وكأنه طفا، بقدرة قادر، فوق النيران، وفوق الدماء، كما لو أن الورقة الذهبية باتت بين يديه ليلعبها ضد ايران، وضد "حزب الله"، وضد أركان المعارضة الذين كانوا ينتظرون جثته، لا على ضفة النهر كما الصينيين، وانما على أبواب الكنيست.

 هذا ليس وقت التسويات الكبرى، أو الحلول الكبرى. كل ما يمكن الأميركيين أن يفعلوه تسوية عرجاء بتكريس الستاتيكو، مع بعض الاضافات الضئيلة. وهم بارعون، على كل حال، في فن البروباغندا.

 صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني، وقد استعاد مجد جده عبدالله الأول الذي كان يلتقي غولدا مئير متنكرة بملابس رجل، بالأوسمة التي تكدست على صدره، كما لم تتكدس على صدر الماريشال برنارد لو مونتغمري، أو على صدر الجنرال دوغلاس ماك آرثر، ليس الوحيد بين أولياء أمرنا الذي يراهن على دفن القضية، بعدما ظنّ ياسر عرفات أنه دفنها الى الأبد، تحت الثلوج، والورود، الاسكندنافية، لتنفجر، بعد ثلاثة عقود، وتصل شظاياها الى أصقاع الدنيا.

 ولكن، هل لذلك الدم، طوفان الدم، في غزة أن يذهب هباء. جو بايدن قال بحل الدولتين. مثله قال رؤساء آخرون، ولم يتقدموا خطوة في هذا المجال حين كان هناك رجال مثل اسحق رابين، أو ايهود باراك، أو ايهود أولمرت. كيف للرئيس الحالي الذي تحدق به الأزمات من كل حدب وصوب أن يفعل شيئاً؟ وزير خارجيته أنتوني بلينكن، برغم يهوديته، ليس بحنكة هنري كيسنجر ولا بشراسة جون فوستر دالاس.

 هذا هو الشرق الأوسط، بحساسياته الجيوسياسية، والايديولوجية، والتاريخية. لا يمكن لأي دولة، حتى وان كانت بمواصفات الأمبراطورية الأميركية ـ كأمبراطورية كونية ـ أن تتفرد باجتراح، وبادارة، التسوية. لا بد من مناخ دولي فريب من المناخ الذي واكب مؤتمر يالطا (1945 )، أو مؤتمر فيينا (1815 )، أو مؤتمر وستفاليا (1648 ). ثمة ثلاثة أقطاب في هذا العالم أميركا الي تصر على أن تكون الوحيدة في مقصورة القيادة، وروسيا، بترسانتها النووية الضاربة، وهي التي في صدام مباشر مع الغرب على الأرض الأوكرانية، والصين التي لن تشعر بكونها أمبراطورية الا باستعادة تايوان ولو بقوة السلاح.

 نستعيد قول كيسنجر ان الصراع في الشرق الأوسط هو بين نصف الله والنصف الآخر، ليضيف " قد نحتاج، لتسوية الأزمة، الى مفاوضات في العالم الآخر."ولكن لا المشهد الدولي يشي بامكانية عقد التسوية، ولا المشهد الاقليمي يتيح احداث ثغرة في الجدار.

 أما زعيم الليكود فهو يسعى للافادة، الى أقصى مدى، من حالة الذعر التي استشرت بين الاسرائيليين حين كانت المسيّرات، والصواريخ، الايرانية تتجه الى "أرض الميعاد". متى لم يلعب على هذا النوع من الخوف (الخوف الوجودي)، في صراعه اللولبي للبقاء في السلطة ؟

 كل ما يستطيع الرئيس الأميركي فعله، الحيلولة دون نتياهو واكتساح رفح، حيث تلك الكمية البشرية الضائعة، والمحطمة. ولكن كم بدا أشبه ما يكون بأبطال الرسوم المتحركة حين سرّب جون كيربي لوسائل الاعلام أن الرئيس قد يمنع صادرات الأسلحة الى اسرائيل، فاذا بمجلس النواب يصدق على منحها 5.2 مليارات دولار لتغطية النقص في نظام الدفاع الصاروخي، و 3.5 مليارات دولار لشراء أنظمة أسلحة متقدمة، و 4.4 مليارات دولار لتعزيز الامدادات، والخدمات، ومليار دولار لتفعيل انتاج الأسلحة.

 آفاق مقفلة، أبواب مقفلة. فرنسوا ميتران، وعقب تجربة ديبلوماسية فاشلة، قال "لعلّ مفاتيح الشرق الأوسط بيد الله لا بيد أميركا". قد يكون ذلك صحيحاً...

الأكثر قراءة

«قنبلة» النزوح لا حلول لها... بكركي تعدّ «خارطة طريق» المقاومة» تكسر التوازن» جنوباً وترتقي استخباراتياً