اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


لسخرية القدر، أن عددا من الدول العربية وشعوبها يعولون على اميركا لانهاء الحرب على غز،ة لمجرد انها اظهرت سعيها لوقف اطلاق نار بين العدو الاسرائيلي وحماس قبیل شهر رمضان، متناسين "الفيتو" الاميركي فى مجلس الامن، الذي أكد على تواطؤ واشنطن مع الدولة العبرية في اطالة فترة الحرب على الفصائل الفلسطينية المقاتلة في قطاع غزة.

الادارة الاميركية ترسل شحنات سلاح ضخمة ل "اسرائيل" الواحدة تلو الاخرى منذ السابع من اكتوبر، والتي تضم أكثر الاسلحة تطورا وفتكا لقتل الفلسطينيين، ها هي اليوم تدعو الى هدنة بين الجيش "الاسرائيلي" وحماس في غزة، من منطلق أن الدولة العبرية اذا استمرت في حربها ضد الغزاويين فستخسر معظم الدعم الدولي، اضافة الى ان الهدنة وفقا للرئيس الاميركي جو بايدن ستمهد الطريق امام قيام دولة فلسطينية، انما هذا الطرح ليس الا خدعة اميركية تحاول واشنطن التسويق له، من اجل بث جو من التهدئة عند الشعب الفلسطيني ومقاومته.

نعم انظروا من هي الدولة التي تريد وقف اطلاق نار خلال شهر رمضان بین الجيش "الاسرائيلي" وبين مقاتلي حركة حماس برفع راية حقوق الانسان، منها توفير المساعدات الانسانية للغزاويين وحماية المدنيين و...

انها الولايات المتحدة الاميركية الضالعة في قتل الشعب الفلسطيني عبر الطائرات الحربية "الاسرائيلية"، التي قصفت غزة واهلها بوحشية، وادت الى استشهاد حوالى 30 الف فلسطيني، فضلا عن تبريرها لاستهداف "اسرائيل" المستشفيات والمدارس، التي لجأ اليها المدنيون والجرحى.

انها الولايات المتحدة الاميركية التي اتبعت سياسة ظالمة في الشرق الاوسط، وانحيازا اعمى ل "اسرائيل"، اوصل الى عملية طوفان الاقصى، واحتمال تفجير المنطقة برمتها.

انها الولايات المتحدة الاميركية التي تسعى اليوم الى هدنة مؤقتة في غزة تحت شعار "انساني"، في حين ان تاريخها الدموي فى منطقتنا لا يزال ماثلا امامنا، ذلك ان اميركا هي المسؤولة عن دمار العراق وسقوط الدولة ومؤسساتها بعد ان احتلته عام 2003 ، قاتلة قرابة مليون عراقي. وفي تقارير موثوقة، تبين ان حوالى 11 ألف إلى 15 ألف عراقي، بما في ذلك حوالي 4300 مدني غير مسلح قتلوا على يد القوات الاميركية، في فترة وجيزة جدا من 19 اذار حتى 30 نيسان عام 2003.

ولم تكتف واشنطن من قتلها للشعب العراقي عام 2003 ، اي العام التي قررت امیركا احتلال العراق بحجة وجود اسلحة دمار شامل اتضح لاحقا انها اکاذیب، بل اقدمت ايضا عام 2005 على قتل 7299 مدنيًا عبر قواتها الجوية والبرية. وعلاوة على ذلك عينت ادارة الرئيس الاميركي السابق جورج بوش الابن يومها الحاكم المدني الأميركي للعراق بول بريمر، الذي كان اول قرار أصدره هو حل الجيش العراقى وتفكيكه. وعليه حوّلت واشنطن العراق الى ارض خراب وفوضى واغتيالات وكانتونات متناحرة.

ونعود ونسأل من هي الدولة التي تعول عليها بعض الدول العربية بانهاء حرب غزة، ووضع حد لسفك دماء الابرياء الفلسطينيين؟ للاسف انها الولايات المتحدة الاميركية التي حرضت جزءا من الشعب السوري على حمل السلاح بوجه النظام السوري ، ولكن سرعان ما انقلبت عليه فوجد نفسه وحيدا في الميدان. ذلك ان المعارضة السورية التي شجعتها واشنطن على محاربة النظام السوري، اكتشفت ان كل الوعود الاميركية بتزويدها بالسلاح وبدعمها، لم تكن سوى اكاذيب وكلام فارغ.

والانكى ان الولايات المتحدة الاميركية دعمت فريق من السوريين وهم الاكراد ومدتهم بالسلاح، وحرصت على حمايتهم بوجه "داعش"، في حين تركت هذا التنظيم يقتل سوريين آخرين على غرار الاشوريين والكلدانيين. وفي لعبة الامم، عاش الشعب السوري حربا قاسية ودمارا وتشريدا وهجرة وسقط عدد كبير من القتلى والجرحى، وباتت سوريا بلادا ممزقة الاوصال، حيث لا تزال تحتل اميركا جزءا كبيرا من الاراضي السورية بكل وقاحة.

انها الولايات المتحدة الاميركية التي شنت حربا على افغانستان بعد احداث 9 ايلول، وبقيت قواتها العسكرية لمدة 20 عاما في هذا البلد، ناهيك عن قتلها لـ 250 الف افغاني اكثرهم من المدنيين ولا علاقة لهم بتنظيم "القاعدة"، الى جانب قيام الجيش الاميركي بتهجير 5 ملايين افغاني. ولاحقا، بين ليلة وضحاها انسحبت اميركا من افغانستان ،تاركة وراءها كل المجموعات التي تعاونت معها، او بالاحرى المجموعات التي استغلتها وجعلتها لقمة سائغة امام خصومها.

انها الولايات المتحدة الاميركية، التي القت قنبلتين ذريتين على هيروشيما وناكازاكي في اليابان عام 1945 ، بذريعة انهاء الحرب العالمية الثانية "باكثر الطرق انسانية"، لتجنب حرب برية قاسية بين القوات الاميركية والقوات اليابانية قد تسفر عن مقتل المئات من الجانبين. انما الحقيقة واضحة للجميع، بأن ما فعلته اميركا في هيروشيما وناكازاكي هو عمل ارهابي محض، حيث قتلت مئات الآلاف من الناس الى جانب الاشعاعات السامة والامراض التى طالت المدنيين اليابانيين.

من هنا، وبعد عرض كل الحوادث التي حصلت فعلا في دولنا العربية وفي منطقتنا، وكل الويلات التي عاشها الشعب اللبناني والعراقي والسوري والفلسطيني وغيرهم، هل فعلا لا يزال البعض يؤمن بأن اميركا هي الدولة التي ستنشىء دولة فلسطينية، وهي التي ستدخل السلام الى هذا الشرق المتوسط؟ 

الأكثر قراءة

بطة عرجاء لتسوية عرجاء