اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

في عالم يزداد وعيه بأهمية الصحة والتغذية، يبرز مرض السكري كتحدي يواجه الكثيرين. لكن، ماذا لو نظرنا إلى السكري ليس كعدو لدود، بل كصديق يحثنا على اتباع نمط حياة أفضل؟ تقدم لنا الاختصاصية في التغذية رولا سروع نظرة مختلفة لهذا المرض، مشددة على أن التعايش مع السكري يمكن أن يكون بداية لحياة أكثر صحة ونشاطًا.

مرض السكري، هذا الزائر الثقيل الذي يطرق أبواب الكبار والصغار دون استئذان، هو في الحقيقة مرض مزمن يستمر مدى الحياة. ينشأ هذا المرض نتيجة ارتفاع مستويات السكر في الدم، وعلى الرغم من أنه لا يمكن معالجته بشكل نهائي، إلا أن التغذية السليمة والرياضة يمكن أن تلعب دورًا فعالًا في السيطرة عليه والحد من مخاطره.

ينقسم السكري إلى ثلاثة أنواع رئيسية: النوع الأول، الذي يصيب الأطفال والمراهقين ويعتبر من أمراض المناعة الذاتية، حيث يدمر الجسم الخلايا المنتجة للإنسولين في البنكرياس. والنوع الثاني، الذي يتميز بمقاومة الجسم للإنسولين، مما يؤدي إلى إرهاق البنكرياس من إفراز الإنسولين بكميات كبيرة. وأخيرًا، سكري الحمل الذي يصيب بعض النساء خلال فترة الحمل.

تتنوع أعراض السكري من العطش الشديد وكثرة التبول إلى غباش العين والتعب وفقدان الوزن وصعوبة التركيز.

وتُقدم سروع معايير دقيقة لمستويات السكر في الدم، تُعتبر بمثابة خارطة طريق للمصابين بالسكري وغير المصابين على حد سواء. للمصابين بالسكري، يُفضل أن تكون مستويات السكر في الدم بعد الأكل بساعتين بين 120-140 ملغ/دل، وبعد الأكل بساعة بين 160-180 ملغ/دل، وقبل الفطور بين 80-110 ملغ/دل، مع الحفاظ على معدل الهيموغلوبين السكري (A1c) أقل من 7%.

بالنسبة لغير المصابين، يُعتبر مستوى السكر في الدم في حالة الصيام أقل من 100 ملغ/دل طبيعي، بينما يُشير مستوى 100-125 ملغ/دل إلى ما قبل السكري، ومستوى أكثر من 125 ملغ/دل يُعتبر سكري. ويجب أن يكون معدل A1c أقل من 5.7% ليُعتبر طبيعي، وبين 5.7% و 6.4% يُشير إلى ما قبل السكري، وفوق 6.4% يُعتبر سكري.

بعد تناول جرعة الـ75 غرام من شراب السكر، يُعتبر مستوى السكر في الدم بعد ساعتين أقل من 140 ملغ/دل طبيعي، وبين 140-199 ملغ/دل يُشير إلى ما قبل السكري، وأكثر من 200 ملغ/دل يُعتبر سكري. أما بالنسبة للحوامل غير المصابات بالسكري، يجب أن يكون مستوى السكر في الدم أثناء الصيام أقل من 105 ملغ/دل، وبعد جرعة الـ100 غرام من السكر، يجب أن يكون أقل من 195 ملغ/دل بعد ساعة، أقل من 165 ملغ/دل بعد ساعتين، وأقل من 145 ملغ/دل بعد ثلاث ساعات.

أما الحوامل المصابات بالسكري، فيُنصح بالحفاظ على مستوى السكر في الدم أقل من 95 ملغ/دل قبل الوجبات وأقل من 120 ملغ/دل بعد الوجبات، مع معدل A1c 6%. هذه المعايير تُساعد في الحفاظ على صحة الأم والجنين وتقليل مخاطر مضاعفات السكري.

تؤكد سروع على أهمية انتقاء الأطعمة استنادًا لمؤشرها الغلايسيمي ضمن النظام الغذائي. تساهم الأطعمة ذات المؤشر الغلايسيمي القليل في رفع مستويات السكر بالدم تدريجيًا، مما يعزز ثباتها. وتشمل هذه الأطعمة الفواكه كالموز والتفاح، بالإضافة إلى عصائر البرتقال والمانجو، وكذلك التمر والخوخ المعلب ومربى الفراولة. ومن الحبوب، نخالة الشوفان، ومن الخضروات، الجزر والطماطم والجزر المسلوق وشوربة الخضار. ولا ننسى منتجات الألبان كالزبادي بالفواكه والحليب بأنواعه، وحليب الصويا، إلى جانب البقوليات كالفاصولياء وفول الصويا والعدس والفول السوداني والحمص.

كما تُعتبر البروتينات، سواء النباتية أو الحيوانية، عنصرًا أساسيًا في الأنظمة الغذائية الصحية، حيث يمكن دمجها في الوجبات الرئيسية أو كوجبات خفيفة. بينما تُعد الأطعمة ذات المؤشر الغلايسيمي العالي، كالبطيخ وحليب الأرز، أقل مناسبة لمرضى السكري نظرًا لتأثيرها السريع في رفع مستوى السكر بالدم.

ويُعتبر البروتين الحيواني مكونًا مهمًا في النظام الغذائي لمرضى السكري، إذ يزود الجسم بالأحماض الأمينية اللازمة. ومن المصادر الممتازة للبروتين الحيواني البيض، الذي يحتوي على كافة الأحماض الأمينية الأساسية، والأسماك كالسلمون والسردين والتونة التي تقدم أوميغا 3 وبروتين عالي الجودة، بالإضافة إلى المأكولات البحرية المتنوعة. ومن منتجات الألبان، الزبادي اليوناني والجبن القريش والحليب، التي توفر البروتين والكالسيوم، وكذلك اللحوم الخالية من الدهون كالدجاج والديك الرومي ولحم البقر.

فتُشدد سروع على أهمية الاعتدال والتوازن في النظام الغذائي، مع التركيز على تجنب الإفراط في الحلويات والمشروبات الغازية التي تسبب ارتفاعًا سريعًا في مستوى السكر بالدم. يُنصح بتوفير بدائل صحية كالمكسرات غير المحمصة والفواكه الطازجة والخضروات الصغيرة وحبوب الإفطار كاملة النخالة كوجبات خفيفة مغذية ومنخفضة السعرات الحرارية.

بهذه الإرشادات، تُسلط الاختصاصية رولا سروع الضوء على أهمية الاختيارات الغذائية الواعية والمتوازنة للتعايش مع السكري بصحة وعافية. فالسكري ليس نهاية المطاف، بل هو بداية لرحلة جديدة نحو الصحة والحياة الأفضل.يمكن لمرض السكري أن يكون بمثابة جرس إنذار يدعونا لإعادة النظر في عاداتنا الغذائية والحياتية. فبالتعاون مع الاختصاصيين وبالتزامنا بنمط حياة صحي، يمكننا تحويل هذا التحدي إلى فرصة لعيش حياة أطول وأكثر سعادة. فلنجعل من السكري صديقًا يرشدنا نحو الصحة، لا عدوًا يهدد راحتنا. 

الكلمات الدالة

الأكثر قراءة

الورقة الفرنسيّة المعدّلة عند بري... وحزب الله يُحدّد ملامح «اليوم التالي» التعديلات تتضمّن إعادة «انتشار» لا انسحاب للمقاومة... ماذا عن ملف الغاز ؟ توصية المعهد القومي «الإسرائيلي»: لا تغامروا بحرب شاملة في الشمال !