اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

بينما يجر "الجيش الاسرائيلي" ذيل هزيمته في حربه البرية في قطاع غزة، وآخرها في خان يونس، يهدد وزراء في حكومة الحرب "الاسرائيلية" حزب الله بانهم سينتقلون الى الحرب الكبرى، ظنا منهم ان تهديداتهم ستخيف المقاومة، ولكن الامر الذي بات واضحا ان "اسرائيل" في حالة ارباك وقلق يمنعها من رؤية التطورات الميدانية بوضوح.

هذه الدولة العبرية التي تشكل جسما شاذا في محيطنا، بدأت تحصد ما زرعته ايديها، وخوفها على وجودها تضاعف آلاف المرات، خاصة بعد ان لمست ان استخدام الحديد والنار بمواجهة الفلسطينيين واللبنانيين وكل اخصامها لم يعد ينفع، ولم تعد هذه الوسيلة هي التي تحافظ على بقاء هذه الدولة. ذلك ان المقاومة الفلسطينية في غزة تحارب بكل شراسة وايمان وعزيمة ضد الجيش "الاسرائيلي"، دفاعا عن ارضها مفضلة "الموت لا المذلة".

 وبالتالي هذه المعركة الضارية التي تحصل في غزة هي بالنسبة للمقاومة الفلسطينية "اما النصر اما الاستشهاد"، وحماس والجهاد الاسلامي يسيران نحو النصر. وبدوره، يقوم حزب الله ايضا بقصف جيش الاحتلال شمال فلسطين المحتلة، منهكا اياه ومكبدا خسائر جمة في صفوفه. وفي البحر الاحمر، برزت جماعة "انصار الله" كجماعة غير خائفة من تحدي "اسرائيل" اسنادا لغزة، وعقابا لما يفعله جيش العدو من ابادة بحق الشعب الفلسطيني.

وامام هذه الصورة الشاملة، نرى ان اعداء هذه الدولة العبرية تكاثروا، وتمكنوا من ارهاق "الجيش الاسرائيلي" وإلحاق الهزائم به، سواء في قتل عدد كبير من ضباطه وجنوده في غزة وجنوب لبنان، او عبر إنهاك الكيان الصهيوني اقتصاديا من خلال مهاجمة الحوثيين السفن التجارية المتجهة الى "اسرائيل".

وهنا السؤال الذي يطرح نفسه: هل تدرك الدولة العبرية ان اسلوبها التقليدي باستخدام سلاحها المتطور في وجه اعدائها، لم يعد يأتي بالنتائج المطلوبة؟ وهل لا يزال الكيان الصهيوني يعيش في اوهام تفوّقه على اخصامه وترهيبهم لتحقيق اهدافه؟ وهل لا يزال الفكر الصهيوني يعتقد ان كيانه سيكون قابلا للحياة، في ظل منعه اقامة دولة فلسطينية؟

التطورات الميدانية في غزة، وقوة حزب الله جنوبا، وتحدي انصار الله "للاسرائيليين" في البحر الاحمر، يشير الى ان استفراد "اسرائيل" بالقرارت حول فلسطين المحتلة لم يعد يجدي نفعا، وان امن ناسها سيظل دوما مهددا، طالما بقي الكيان الصهيوني يعامل الشعب الفلسطيني بظلم ووحشية، ويتوسع بالمستوطنات على حساب الاراضي الفلسطينية.

لن نقول ان "اسرائيل" ستزال من الوجود لمعرفتنا بواقع الامور في المنطقة، ودعم اميركا الغير مشروط لها، ولكن اضحى واضحا ان الدولة العبرية لن تكون قادرة على الاستمرار، اذا لم تتحل هي ايضا بواقعية سياسية بان اقامة دولة فلسطينية ومنح الفلسطينيين حق تقرير مصيرهم هو التوجه الصحيح لوقف الحروب الدائرة في المنطقة. وقصارى القول ان التاريخ علمنا ان العنف يستجلب العنف، والظلم يؤجج الحقد في النفوس، ودائما يكون نتاج ذلك سفك الدماء.

من هنا، ان اقامة دولة فلسطينية بات امرا اكثر من ضروري، لان الفلسطينيين فاوضوا "الاسرائيليين" وتوصلوا الى اتفاق اوسلو، ولكن سرعان ما انقلبت عليه "اسرائيل" ضاربة بعرض الحائط حقوق الفلسطينيين وحقهم بدولة. وعليه، عاد الفلسطينيون الى المقاومة المسلحة لاقتناعهم ان العدو الاسرائيلي لا تنفع معه المفاوضات السلمية.

واليوم، ورغم مرور ثلاثة اشهر ونصف على العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة، وكل الوحشية التي ارتكبها ويرتكبها هذا العدو، لكن جيشه لم يحقق اي انجاز عسكري لا بل مني بهزيمة تلو الاخرى في عدة مناطق من انحاء غزة. ولكن للاسف، لا تزال حكومة الحرب تكابر وتهدد وتتوعد بسحق حماس وبابعاد حزب الله عن الحدود الشمالية المحتلة، في حين لا تريد ان ترى هزيمة خان يونس حيث قتل اكثر من 30 ضابطا وجنديا من صفوف جيشها، ناهيك عن تمكن المقاومة الفلسطينية من ايلام وخداع جيش الاحتلال مرات عدة، وتكبيده خسائر بالارواح والعتاد منذ بدء العملية البرية "الاسرائيلية".

على الارجح  يبدو ان حكومة الحرب بقيادة بنيامين نتنياهو مصابة بجنون العظمة والتفوق، ولا تأخذ بعين الاعتبار فشل خططها البرية في غزة، حيث ان الجيش "الاسرائيلي" يغرق يوما بعد يوم في حرب غزة، على غرار ما حصل مع روسيا في حربها في افغانستان والجميع يعلم نتيجة ما حصل.

واذا اتخذنا العبر من تجارب التاريخ، فهو يؤكد ان مهما علا شأن دولة عسكريا، فهذا الامر لا يجزم بانها ستربح كل الحروب التي ستخوضها، وها هي اليوم "اسرائيل" تغرق في غزة ولا تزال ترفض اي حل عادل للفلسطينيين.


الأكثر قراءة

سيجورنيه يُحذر: من دون رئيس لا مكان للبنان على طاولة المفاوضات الورقة الفرنسيّة لـ«اليوم التالي» قيد الإعداد حماس تؤكد: لا اتفاق من دون وقف نهائي لإطلاق النار!